Global Site Tag (gtag.js) - Google Analytics -->

الأربعاء، 19 فبراير 2020

تعريف جريمة القرصنة البحرية

المطلب الثاني : تعريف جريمة القرصنة :

تعتبر جريمة القرصنة البحرية من الجرائم الدولية الخطيرة التي تشكل تهديدا للسلم  الدولي ،وحرية تنقل الأشخاص والسلع عبر البحر ،وتشمل عدة اعمال إجرامية ،بحيث تخرق حقوق الانسان وتؤدي الى اضعاف اقتصاد الدول ،وبث الرعب في نفوس الضحايا .  
ومن خلال هذا المطلب سوف نحاول ان نتطرق الى اهم التعريفات الفقهية (فقرة1)  والقانونية (فقرة 2) التي شملت هذه الجريمة الدولية .

الفقرة الأولى:التعريفات الفقهية لجريمة القرصنة البحرية .

نظرا للطبيعة الدولية الخاصة لجريمة القرصنة فقد تعددت التعريفات التي حاول من خلالها الفقه الإحاطة بجميع مظاهر وعناصر جريمة القرصنة البحرية  .
فقد عمد موريس دريون في مداخلته بالدورة  التاسعة الربيعية لاكاديمية المملكة المغربية بالرباط في ابريل 1986 [1]الى تعريف القرصنة البحرية بانها عدة اعمال مدمرة واجرامية ،تمارس خرقا لحقوق الانسان من اجل اضعاف اقتصاد الدول والحد من قوة دفاعها ،وبذر الرعب في نفوس يكانها ،لذا تعد القرصنة شكلا جديدا من اشكال الحرب حير العقول وجعل عددا من المجتمعات البشرية عرضة للاعتداءات دون أسباب واضحة او دوافع مباشرة .
وذهب جيرهارد فان غلان [2]الى ان القرصنة هي كل عمل عنف غير قانوني ترتكبه سفينة خاصة في عرض البحر ضد سفينة أخرى بنية النهب .
و هناك من عد القرصنة بانها كل عمل اجرامي يتصف بالجسامة وتتعدى اثاره الى الغير ،بحيث يكون منطويا في ذاته على تعريض مبدا حرية الملاحة للخطر ،وهو يتضمن ثلاثة عناصر  أساسية  هي :
- وجود سفينة على مثنها مجموعة من الأشخاص يرتكبون أفعال عنف غير مشروعة ،وان يكون هذا العنف موجها بقصد تحقيق مغانم شخصية او أغراض خاصة ،وان ترتكب أفعال العنف في عرض البحر [3].
وذهب جانب اخر الى ان جريمة القرصنة البحرية هي التي تتم في ظروف معينة وهي  :
1-                  قيام افراد طاقم او ركاب سفينة ، بالسطو على السفينة التي تقلهم ،او على سفينة أخرى ،قصد الاستيلاء عليها او تحويل اتجاهها .
2-                  تجرى عمليات القرصنة مبدئيا ،في أعالي البحار .
3-                  يندفع القرصان عادة الى القيام بعمليات اللصوصية رغبة في الربح والكسب وليست له نزعة سياسية كما انه لا يميز بين السفن التي يهاجمها . ولذلك استثنت التشريعات القديمة العصاة والمتمردين الذين يحملون السلاح لضرب دولة ما ،من وصف أعمالهم بالقرصنة [4].
 وهناك جانب اخر يعرف القرصنة بانها هي القيام او محاولة القيام باعمال عنف من جانب اشخاص على ظهر سفينة خاصة او طائرة خاصة ضد اشخاص او ممتلكات على ظهر سفينة او طائرة أخرى ،تتم في عرض البحر ،بهدف السلب والنهب كما ان القرصنة تشمل التمرد الناجح  [5].

الفقرة الثانية :التعريفات القانونية لجريمة القرصنة البحرية .

لقد  تعددت التعريفات الفقهية  الخاصة بجريمة القرصنة البحرية  كما تمت الإشارة الى ذلك أعلاه ،وإن كانت جميعها قد اتفقت على جسامة الأفعال المكونة لها، مما استدعى تجريمها دوليًا وتوحيد معايير خاصة لاعتبار الأفعال المشكلة   لعناصر جريمة القرصنة .
أ –اتفاقية جنيف لاعالي البحار لسنة 1958 .
 بعد انشاء  الأمم المتحدة سنة 1945 فقد عملت على نشر السلم وتحقيق التعاول بين الدول ،وفي اطار ذلك سعت الى تطوير القانون الدولي وانشات لجنة باسم لجنة القانون الدولي ،وبعد عدة سنوات من الدراسة قدمت اللجنة مشروعا يتضمن القواعد الخاصة باوضاع البحار وأقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا المشروع عام 1957 وعقد مؤتمر الأمم المتحدة في جنيف عام 1958 بحضور مندوبي ثمانية وستين دولة وفيه اقرت هذه الدول اربع اتفاقيات وهي اتفاقية البحر الإقليمي ،واتفاقية أعالي البحار ، واتفاقية المصائد وحفظ الموارد ،واتفاقية الجرف القاري [6] .
وتعتبر اتفاقية أعالي البحار  المدكورة  المعروفة باتفاقية جنيف لاعالي البحار المبرمة في 29 ابريل عام 1958 أول اتفاقية دولية تتناول القرصنة البحرية ،الا انها لم تات بتعريف قانوني لجريمة القرصنة البحرية وانما عملت على تعداد الأفعال التي تعتبر  في حالة اتيانها قيام جريمة القرصنة .  وقد تم  التنصيص  في المادة 15 من الاتفاقية على أنه يعد من قبيل أعمال القرصنة الأفعال التالية:
1-     أي عمل غير قانوني ينطوي على العنف أو حجز الأشخاص  أو السلب يرتكب لأغراض خاصة، بواسطة طاقم أو ركاب سفينة خاصة أو طائرة خاصة ويكون موجهًا:
    أ-  في أعالي البحار ضد سفينة أو طائرة أخرى ،أو ضد أشخاص أو أموال على ظهر السفينة أو الطائرة ذاتها .
    ب- ضد سفينة أو طائرة أو أشخاص أو أموال خارج نطاق الاختصاص  الإقليمي لأية دولة.
2-     أي مساهمة ارادية   في عملية تقوم بها  سفينة أو طائرة مع العلم بأن السفينة أو الطائرة تمارس القرصنة.
3-     أي عمل من أعمال التحريض أو التيسير العمدي للقيام بفعل من الأفعال المبينة في الحالتين السابقتين.
        وقد أضافت المادتين  16 و17  من الاتفاقية حالتين  أخريين  وهما :
-  وقوع أعمال القرصنة من سفينة أو طائرة حربية أو عامة أو حكومية إذا تمرد طاقمها واستولوا عليها وتحكموا في السيطرة عليها.
- تعد السفينة او الطائرة من سفن او طائرات القرصنة البحرية اذا كان الأشخاص الذين يسيطرون عليها فعلا يهدفون الى استعمالها بقصد ارتكاب عمل من الاعمال التي حددتها المادة 15 وتطبق القاعدة ذاتها اذا كانت السفينة او الطائرة قد استعملت لارتكاب أي من هذه الاعمال ما دامت باقية تحت سيطرة الأشخاص المدنيين [7].
ويتضح من تعريف القرصنة البحرية في اتفاقية جنيف انه اقتصر من حيث النطاق المكاني على ما يقع منها في أعالي البحار ،وهذا التقييد مبرر لان الاتفاقية تتعلق باعالي البحار ،ومن الطبيعي الا يتم التطرق الى الأفعال التي تقع في المياه الخاصة  الخاضعة لسيادة الدولة ، ومن جانب اخر نص هذا التعريف على ان يكون العمل القرصني لتحقيق أغراض خاصة بواسطة اعمال العنف والحجز والسلب وذكرها بشكل مجمل ،وهذا يجعل دائرة الأغراض الخاصة اكثر اتساعا ،وقد شدد هذا التعريف على اعمال الاشتراك والتسهيل واعتبرها  اعمال قرصنة كالمباشر للعمل الأصلي والمخطط له ، كما نص التعريف على وسائل ارتكاب الجريمة وهي اما خاصة يرتكب افرادها عمليات القرصنة في أعالي البحار   او سفينة  رسمية تابعة لدولة معينة  يتمرد طاقمها من اجل استعمالها في ارتكاب عمل من اعمال القرصنة فهي تعامل على أساس انها وسيلة ارتكاب القرصنة البحرية مادامت تحت سيطرة الأشخاص الذين ارتكبوا عملا من اعمال القرصنة  او يهدفون الى ارتكابها [8].

  ب – اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة 1982 [9].
عندما ابرمت اتفاقية جنيف لاعالي البحار عام 1958 المشار اليها أعلاه خشيت  دول العالم الثالث ان تستاثر الدول الصناعية الكبرى بثروات البحار بسبب ضعف بعض بنود هذه الاتفاقية ،ولعدم التصريح بالمبادئ التي تحكم الملاحة في أعالي البحار والمحيطات ،فقد عملت هذه الدول على اقناع الأمم المتحدة بضرورة اجراء اصلاح لهذه الاتفاقية وتم ذلك بعقد مؤتمر الأمم المتحدة وتواصلت الجهود حتى اقرت اتفاقية الأمم المتحدة الشاملة لقانون البحار سنة 1982 [10]،
        وعلى ذات نهج اتفاقية جنيف لأعالي البحار عام 1958، ذهبت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار عام 1982 إلى تعريف القرصنة البحرية من خلال بيان الأعمال المكونة لها، حيث نصت في المادة (101) منها على أن جريمة القرصنة تتكون من أي عمل من الأعمال التالية:
1-        أي عمل غير قانوني من أعمال العنف أو الاحتجاز أو أي عمل سلبي يرتكب لأغراض خاصة من قبل طاقم أو ركاب سفينة خاصة أو طائرة خاصة ويكون موجهًا:

أ- في أعالي البحار ضد سفينة أو طائرة أخرى أو ضد أشخاص أو ممتلكات على ظهر تلك السفينة أو على متن تلك الطائرة.

ب-ضد سفينة أو طائرة أو أشخاص أو ممتلكات في مكان يقع خارج ولاية أية دولة.

2-        أي عمل من أعمال الاشتراك الطوعي في تشغيل سفينة أو طائرة مع العلم بوقائع تضفي على تلك السفينة أو الطائرة صفة القرصنة.

3-        أي عمل يحرض على ارتكاب أحد الأعمال الموصوفة في إحدى الفقرتين (1، 2) أو يسهل عن عمد ارتكابها.
        ويلاحظ أن نص المادة (101) من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار قد حددت مكان ارتكاب جريمة القرصنة تحديدًا دقيقًا لا لبس ولا غموض فيه، حيث اشترط لقيام جريمة القرصنة البحرية أن تكون الأفعال المكونة لها موجهة ضد سفينة أو طائرة في أعالي البحار أو في مكان خارج الولاية القانونية لأية دولة وخارج اختصاصها الإقليمي، ومن ثم فإن الدول جميعها تعد مطالبة بالمعاقبة على الأفعال المكونة لجريمة القرصنة وفقًا لمبدأ العالمية.
كذلك ذهبت المادة (102) من الاتفاقية إلى أنه إذا ارتكبت أعمال القرصنة من سفينة أو طائرة حربية أو حكومية تمرد طاقمها واستولى على زمام السفينة أو الطائرة اعتبرت هذه الأعمال في حكم الأعمال التي ترتكبها السفينة أو الطائرة الخاصة.
        وقد ذهبت الاتفاقية في المادة (103) منها إلى تعريف السفينة أو الطائرة محل الجريمة بأنها تعتبر سفينة أو طائرة قرصنة إذا كان الأشخاص الذين يسيطرون عليها سيطرة فعلية ينوون استخدامها لعنصر ارتكاب أحد أعمال القرصنة المشار إليها في المادة (101) من الاتفاقية وأيضًا إذا كانت السفينة أو الطائرة قد استخدمت في ارتكاب أي من هذه الأعمال مادامت تحت سيطرة الأشخاص الذين اقترفوا هذا العمل.
 ج -  اتفاقية روما للقضاء على الأفعال غير المشروعة ضد سلامة الملاحة  لسنة 1988 [11].
نتيجة للانتقادات التي تم توجيهها الى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 تم ابرام اتفاقية روما سنة 1988 ودخلت حيز التنفيذ سنة 1992 ووقع عليها 30 دولة سنة 2002 [12].
وقد نصت المادة 03 من هذه الاتفاقية على ما يلي:
01- يعتبر أي شخص مرتكبا لجرم إذا ما قام بصورة غير مشروعة وعن عمد بما يلي :
(أ) الاستيلاء على سفينة أو السيطرة عليها باستخدام القوة أو التهديد باستخدامها أو باستعمال أي نمط من أنماط الإخافة ؛
(ب) ممارسة عمل من أعمال العنف ضد شخص على ظهر السفينة إذا كان هذا يمكن أن يعرض للخطر الملاحة الآمنة للسفينة ؛
(ج) تدمير السفينة أو إلحاق الضرر بها أو بطاقمها مما يمكن أن يعرض للخطر الملاحة الآمنة لهذه السفينة ؛
(د) الإقدام ، بأية وسيلة كانت ، على وضع ، أو التسبب في وضع ، نبيطة أو مادة على ظهر السفينة يمكن أن تؤدي إلى تدميرها أو إلحاق الضرر بها أو بطاقمها مما يعرض للخطر أو قد يعرض للخطر الملاحة الآمنة للسفينة ؛
(ه) تدمير المرافق الملاحية البحرية أو إلحاق الضرر البالغ بها أو عرقلة عملها بشدة ، إذا كانت مثل هذه الأعمال يمكن أن تعرض للخطر الملاحة الآمنة للسفن ؛
(و) نقل معلومات يعلم أنها زائفة وبالتالي تهديد الملاحة الآمنة للسفن ؛
(ز) جرح أو قتل أي شخص عند ارتكاب أو محاولة ارتكاب الأفعال الجرمية المذكورة في الفقرات الفرعية من "أ" إلى ."و".
02-  كما يعتبر أي شخص مرتكبا لجرم إذا ما قام بالآتي :
(أ) محاولة ارتكاب أي من الأفعال الجرمية المحددة في الفقرة 1 ؛ أو
(ب) التحريض على ارتكاب أي من الأفعال الجرمية المحددة في الفقرة 1 من جانب شخص ما أو مشاركة مقترف تلك الأفعال ؛
(ج) التهديد ، المشروط أو غير المشروط ، طبقا لما ينص عليه القانون الوطني ، بارتكاب أي من الأفعال الجرمية المحددة في الفقرات الفرعية (ب) و(ج) و(ه) من الفقرة 1 بهدف إجبار شخص حقيقي أو اعتباري على القيام بعمل ما أو الامتناع عن القيام به إذا كان من شأن هذا التهديد أن يعرض للخطر الملاحة الآمنة للسفينة المعنية.
وقد نصت المادة 4 من الاتفاقية على انه (01-  تنطبق أحكام هذه الاتفاقية إذا كانت السفينة تبحر أو تزمع الإبحار في مياه واقعة وراء الحدود الخارجية للبحر الإقليمي لدولة منفردة أو الحدود الجانبية لهذا البحر مع الدول المتاخمة ، أو عبر تلك المياه أو منها. )
ويلاحظ ان هذه الاتفاقية جاءت في سياق الشعور  بالقلق بسبب تصاعد أعمال الإرهاب بمختلف أشكاله على المستوى العالمي ، والذي اصبح يعرض الأرواح البشرية البريئة للخطر ، ويهدد الحريات الأساسية ، ويسيء بشدة إلى كرامة الإنسان ، والذي تعتبر القرصنة البحرية من ضمن هذه الاعمال الخطيرة ،  وهو الامر الذي من شانه ان يضعف من ثقة شعوب العالم بسلامة الملاحة البحرية ، كما شددت الاتفاقية في ديباجتها على ضرورة تطوير التعاون الدولي بين الدول في ميدان استنباط واعتماد إجراءات فعالة وعملية لتلافي الأعمال غير المشروعة ضد الملاحة البحرية ، ولمحاكمة ومعاقبة مرتكبيها. كما ان الاتفاقية جاءت لتحديث قواعد ومعايير رامية الى مكافحة الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد السفن وركابها [13].
د- تعريف جريمة القرصنة في بعض التشريعات الوطنية .
من المعلوم أن تنظيم بعض المسائل التي تخص القانون الدولي بواسطة القوانين الداخلية للدول هو أمر تواردت عليه الدول في العالم  كله. والغرض من ذلك هو :
1-     تنفيد التزمات الدولة على الصعيد الدولي، في إطار نظامها القانوني الداخلي.
2-                 إعطاء السلطات الوطنية المختصة (المحاكم، الجيش، والبوليس مثلا) سندا قانونيا وطنيا للتنفيذ والتطبيق على المستوى الوطني.
وقد حرصت العديد من الدول على وضع قواعد تخص القرصنة في قوانينها الوطنية. ويمكننا أن نذكر كأمثلة لهذه القوانين، ما يلي [14] :
1- ينص قانون العقوبات الفيدرالي في المكسيك على أن الاستيلاء على أو تحوبل مسار سفينة ما بواسطة العنف أو التهديد أو الاحتيال عقوبته من 3 إلى 20 سنة فضلا عن توقيع غرامة على مرتكبي الجريمة.
2-     في الفلبين تنص المادة 122 من قانون العقوبات على عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة لمن يرتكب جريمة القرصنة.
3-     ينص القانون  الجزائي الكويتي رقم 16 لسنة 1960 (المادة 252) على أن :
<< من هاجم في عرض البحر سفينة بقصد الاستيلاء عليها أو على البضائع التي تحملها أو بقصد ايذاء واحد أو أكثر من الأشخاص الذين يستغلونها، يعاقب بالحبس المؤبد، وبجوز أن تضاف إليه غرامة لا تجاوز خمسة عشر ألف دينار، واذا ترتب على مهاجمة السفينة وفاة شخص أو أكثر ممن تقلهم كانت العقوبة  الإعدام، ويحكم بالعقوبات  المذكورة. في الفقرتين السابقتين إذا صدر الفعل في عرض البحر من شخص من ركاب السفينة نفسها؛.
ويلاحظ. على هذا النص ثلاثة أمور:
اولأ — أنه قابل للتطبيق على القرصنة التي تثم في أعالي البحار أو في البحر الإقليمي  أو المياه الداخلية. بينما تقصر اتفاقية الأمم المتحدة لقانون  البحار لعام 1982 القرصنة فقط على تلك التي تقع في البحر العالي أو في منطقة غير خاضعة لولاية اية  دولة.
ثانيأ - أنه، من حيث نطاق تطبيقه، يقتصر على حالتن:
٠            ارتكاب القرصنة بقصد الاستيلاء على السفينة أو البضائع التي تحملها.
٠        ارتكاب القرصنة  بقصد ايذاء واحد أو أكثر من الأشخاص الذين يستقلون  السفينة.
معنى ذلك أن النص المذكور لا ينطق على كل حالات القرصنة المنصوص عليها في اتفاقية 1982، مثل :  ارتكاب القرصنة عن طريق تطويق السفينة  بمجموعة من السفن بقصد الحصول على فدية، إذ لا يشكل ذك استيلاء . او  ارتكاب أعمال تهديد بالعنف حول السفينة بهدف ترويع ركابها دون  إلحاق أي أذى بهم أو بالسفينة.
4-                      وينص قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لعام 1987 الصادر في دولة الإمارات العربية المتحدة (الكتاب الثاني، الباب الربع، الفصل الأول، المادة 288) على ما يلي:
<< يعاقب بالسجن المؤبد كل من هاجم طائرة. أو سفينة بقصد الاستيلاء عليها أو على كل أو بعض البضائع التي تحملها أو بقصد إيذاء  واحد أو أكثر ممن فيها     أو بقصد تحويل مسارها بغير مقتضى .
ويحكم بذات العقوبة  إذا وقع الفعل من شخص على مثن الطائرة. أو السفينة، واذا قام الجاني بإعادة الطائرة  أو السفينة بعد الاستيلاء عليها مباشرة . ولم يكن قد ترتب  على فعله الإضرإر بها أو بالبضائع التي تحملها أو ايذاء الأشخاص الموجودين عليها إلى قائدها الشرعي أو إلى من له الحق في حيازتها قانونا كانت العقوبة السجن مدة لا تزيد على خمس سنوإت)>.
ويلاحظ  على هذا النص  أنه أضاف حالة ثالثة لم ينص عليها القانون  الجزائي الكويتي لعام1960،وهي حالة ارتكاب القرصنة بهدف تحويل مسار السفينة. كما انه اعتبر ظرفأ مخففا  حالة التوبة   قبل التدخل ضد القراصنة لتحرير السفينة والركاب والبضائع. وان حق الثوبة هذا بما له من منافع تتمثل في انقاد السفينة وركابها بعد ان يندم الفاعل على فعلته التي يكون قد ارتكبها تحت أي صغط  نفسي ،فانه يعد تطبيقا لمبدا إسلامي جاء في القران الكريم في اية الحرابة في قوله تعالى ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله  ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا او يصلبو او تقطع أيديهم وارجلهم من خلاف او ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الاخرة عذاب عظيم .الا الذين تابو من قبل ان تقدروا عليهم فاعلموا ان الله غفور رحيم ) ( سورة المائدة ايتين 33 ، 34) ،
5-                وفي المملكة العريية السعودية يعد من بين الخسارإت البحرية العمومية : << ما يعطى للقرصان من النقود وباقي الأشياء بطريق التسوية لأجل تخليص السفينة والبضائع المشحونة بها من يدهم).
6-                وفى جيبوتى، ينص القانون  البحري  الصادر فى 18 يناير 1982 على أنه يلاحق ويحاكم باعتباره من القراصنة: 1- كل من يكون  من طاقم سفينة تحمل علم جيبوتى يرتكب أفعال عنف ضد سفينة  جيبوتية أو ضد سفينة  أجنبية تابعة لسلطة ليست فى حالة حرب مع جيبوتى أو ضد أطقم أو حمولة هذه السفن. 02 -كل شخص يكون فوق ظهر سفينة أجنبية يرتكب أيا من الأفعال السابق ذكرها ضد سفن جيبوتية أو طوإقمها أو حمولاتها. 3-كل شخص يكون  ضمن طاقم سفينة أجنبية يحاول الاستيلاء على تلك السفينة عن طريق الغش أو العنف الموجه ضد قائد السفينة [15].
7-                وفي إنجلترا وردت بعض النصوص التي تجرم القرصنة وذلك منذ عام 1535،وتبعتها نصوص أخرى في أعوام 1700-1721-1823 .
8-                وفي فرنسا نص القانون الصادر في 10ابريل 1825 على تجريم القرصنة .
9-                وفي بلجيكا نهج المشرع البلجيكي نفس النهج واصدر قانونا في 05 يونيو 1928 متضمنا تجريم بعض صور القرصنة
10-            واعتبرها المشرع البولوني من قبيل جرائم السطو المسلح المنصوص عليها في قانون العقوبات (م 9/1) [16]
11-            وبالنسبة للقانون المغربي ،فمن خلال بحثنا عن النصوص القانونية المنظمة للجرائم المرتكبة في البحر في القانون البحري المغربي وجدنا هناك نص قانوني  وهو الفصل 23 من الملحق الثاني  المصادق عليه بموجب ظهير 31 مارس 1919  المتضمن القانون التاديبي والجنائي للملاحة التجارية الشريفة . وينص الفصل المذكور  في فقرته الثالثة على ما يلي (  ثالثا: جناية القرصنة تعرف كما يلي : أ- كل جماعة من الافراد المنتسبين الى ملاحي سفينة اية كانت ،يرتكبون أفعال تخريب او عنف على سفينة مغربية او فرنسية او اجنبية او على ملاحيها او ركابها او حمولتها  في حين ان السفينة التي ينتسب اليها ) .ويتضح ان المشرع المغربي قد عمل على تعريف جريمة القرصنة بانها الاعتداء على السفينة سواء كانت مغربية او اجنبية او الاعتداء على ملاحيها وركابها وحمولتها من قبل ملاحين اخرين أيا كانت جنسيتهم . الا انه مع الأسف وكما يتضح من مضمون الفصل المذكور فانه قد جاء مبثورا ،وفي محاولة منا الى الوصول الى اصل الفصل وقراءته كاملا لم نتمكن الى حد الساعة خاصة وان الجريدة الرسمية التي تشير الى القانون المذكور قد تضمنت نص لظهير المصادق بموجبه على القانون فقط وهو ظهير 31 مارس 1919 دون التنصيص على مضمون القانون المصادق عليه ،وبذلك يبقى هذا النص في القانون البحري المغربي موضوع بحث في المستقبل انشاء الله  لتنازله بالدراسة في كلياته وابعاده .
وبعد ان حاولنا في هذا المبحث الإحاطة بمفاهيم جريمة القرصنة البحرية  وذلك بدءا من نشاتها وتطورها الى غاية مرحلة  تنظيمها ان على الصعيد الدولي في الاتفاقيات الدولية او في في بعض  القوانين الوطنية المحلية  التي تمكنا من العثور عليها في بعض المراجع فاننا سنحاول التطرق في المبحث الثاني الى الأركان القانونية الكلاسيكية اللازم توافرها للقول بانطباق مفهوم  جريمة القرصنة البحرية   على الفعل المرتكب  من قبل المجرمين .قبل ان نتطرق الى خصائص هذه الجريمة والجهة المختصة في محاكمة مرتكبي جريمة القرصنة البحرية .



[1]  - موريس دريون – مداخلة بعنوان القرصنة الحديثة كشكل جديد للحرب  – القرصنة والقانون الاممي -مطبوعات اكاديمية المملكة المغربية سلسلة الدورات-الدورة التاسعة ابريل 1986 –ص 223
[2]  - جيرهارد فان غلان - القانون بين الأمم ،مدخل الى القانون العام  الدولي –الجزء الثاني –ترجمة وفيق زهدي، دار الأوقاف  الجديدة، بيروت ، لبنان 1970- ص 66 .
[3]  -  حسام الدين الأحمد –جرائم القرصنة البحرية في ضوء التشريعات والاتفاقيات الدولية ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت ،لبنان  الطبعة الأولى 2010 ص 111
[4]  - روني جان ديبوي – مداخلة بعنوان القرصنة البحرية – القرصنة والقانون الاممي -مطبوعات اكاديمية المملكة المغربية سلسلة الدورات-الدورة التاسعة ابريل 1986 –ص 215
[5]  - أورده محمد فاروق النبهان عن الفقيه جاكوبيني – في مداخلته القرصنة ومفهوم العدوان في القانون والقرارات الدولية - القرصنة والقانون الاممي -مطبوعات اكاديمية المملكة المغربية سلسلة الدورات-الدورة التاسعة ابريل 1986 –ص 107

[6]  - محمد المجدوب –الوسيط في القانون الدولي العام – الدار الجامعية –بيروت –لبنان -1420 هـ ص 353-356 .
[7]  - شهاب مفيد –قانون البحار الجديد والمصالح العربية –معهد البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية ،القاهرة مصر  ص 162
[8]  - شهاب مفيد المرجع السابق  .
[9]  - تم نشر الاتفاقية في المغرب بمقتضى ظهير شريف رقم 1.04.134 صادر في 17 من جمادى الأولى 1429(23 ماي 2008) بنشر اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار الموقعة في منتغوباي  بتاريخ 10 ديسمبر 1982 والاتفاق بشأن تنفيذ الجزء الحادي عشر منها، الموقع في 28 يوليو 1994 .(جريدة رسمية عدد 5714 7 ربيع الأول 1430. 5 مارس 2009) بعد ان تم إيداع  وثائق مصادقة المملكة المغربية على الاتفاقية والاتفاق المذكورين  بموجب المحضر الموقع بنيويورك في 11 يونيو 2007، وقد تضمن الظهير المذكور بعض التحفظات اذ نص على تاكيد حكومة المملكة المغربية من جديد أن سبتة ومليلية وجزيرة الحسيمة وصخرة باديس والجزر الجعفرية هي أراض مغربية ، وأن المغرب لن يتوان أبدا عن المطالبة باسترجاع هذه الثغور الواقعة تحت الاحتلال الاسباني من أجل استكمال وحدته الترابية؛ وإن حكومة المملكة المغربية ، بمصادقتها على هذه الاتفاقية تصرح بأن هذه المصادقة لا يمكن تفسيرها بأي شكل من الأشكال على أنها اعتراف بهذا الاحتلال .
[10]  - المجدوب محمد الوسيط في القانون الدولي العام ص 356 .
[11] -  تمت المصادقة على الاتفاقية في المغرب ظهير شريف رقم 294-01-1 صادر في 15 من ذي القعدة 1422 الموافق 29 يناير 2002  القاضي بنشر اتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة الملاحة البحرية وبروتوكول قمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة المنصات الثابتة القائمة في الجرف القاري الموقعين بروما في 10 مارس 1988  (جريدة رسمية بتاريخ 18 صفر 1423 - 2 ماي 2002). بعد ان تم إيداع وثائق مصادقة المملكة المغربية على الاتفاقية والبروتوكول المذكورين الموقع بلندن في 18 يناير 2002.
[12]  - محمد احمد حباله –القرصنة البحرية ودور الإجراءات والتشريعات الدولية في الحد منها *-الاكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري –الإسكندرية  مصر 2004 .ص 33-34 .
[13]  - انظر ديباجة الاتفاقية منشورة بالجريدة الرسمية بتاريخ 18 صفر 1423 - 2 ماي 2002
[14]  - احمد أبو الوفا –الحلقة العلمية (مكافحة القرصنة البحرية )خلال الفترة من 19-21/12/2011 كلية التدريب قسم البرامج التدريبية –الخرطوم  2011.
[15] - احمد أبو الوفا- مرجع سابق -ص 16 .
[16] -  أحمد عبد الظاهر- القرصنة البحرية... جريمة عالمية وهموم عربية  مقال على الرابط الالكتروني http://kenanaonline.com/users/law/posts/104575        بتاريخ 15 بناير 2015 على الساعة 10 ليلا .



banner
الموضوع السابق
الموضوع التالى

0 التعليقات: