Global Site Tag (gtag.js) - Google Analytics -->

الأربعاء، 12 فبراير 2020

العقوبات في القانون الجمركي المغربي


    

    العقوبات في القانون الجنائي الجمركي و سلطة القضاء في تفريد العقاب.


 ان العقوبات ليست وسيلة للانتقام الفردي او الاجتماعي ، و يجب ان تكون متناسبة مع خطورة الاضطراب الاجتماعي الذي تحدثه الجريمة ، لكنها يجب أيضا ان تكون ملائمة لشخصية الفرد الذي تطبق عليه .
و نظرا لان القانون الجنائي وضع قصد طمانة  الناس الشرفاء ، وزرع الخوف في نفوس من قد يغريهم خرقه ، فانه يرضي ضحايا الجرائم و يسمح في نفس الوقت بتجنب الانتقامات الخاصة .[1]
 و كما ينص على ذلك الفصل الثالث من القانون الجنائي فان العقوبة يجب ان تكون قانونية و  موقعة من طرف قاضي ـ في حدود اختصاصه ـ على المتهم بشكل شخصي متى ثبتت مسؤوليته في مخالفة الأنظمة  و القوانين المعمول بها قانونا ، و ذلك انطلاقا من مبدا لا جريمة و لا عقوبة الا بنص .
الا انه كما سبقت الإشارة الى ذلك فالسياسة الجنائية في الآونة الأخيرة  عرفت تحولات عميقة على صعيد أنظمتها العقابية، والتي يأتي في طليعتها ما يتعلق بالجانب الزجري في القضايا الجمركية ، إذ تم الانتقال من النظام العقابي المرتكز على العقوبات السالبة للحرية، إلى نظام عقابي متعدد المراكز ومنفتح على حلول عقابية جديدة ترتكز أساسا على الجانب المالي للمخالف.
سنحاول من خلال هذا المطلب ابراز أوجه الخصوصية في الجزاءات  الجمركية  و مدى مراعاتها لما هو معمول به في إطار القواعد العامة، والتي من بينها ضرورة الحفاظ على الضمانات التي تقررها المبادئ العامة للزجر الكافلة للحقوق والحريات الفردية و التي على راسها مبدا الشرعية . و ذلك من خلال التطرق في الفقرة الأولى للجزاءات الجمركية و الى قاعدة تفريد العقاب.

 اﻟﻔﻘرة الاولى: العقوبات اﻟﺟﻣرﻛﯾﺔ و التدابير الاحتياطية.
ﺗﻧﻘﺳم اﻟﺟزاءات اﻟﺗﻲ ﺗﺗرﺗب ﻋن اﻟﺟراﺋم اﻟﺟﻣرﻛﯾﺔ إﻟﻰ ﻋﻘوﺑﺎت وﺗداﺑﯾر اﺣﺗﯾﺎطﯾﺔ.
* أوﻻ: اﻟﻌﻘوﺑﺎت.
ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة 208  ﻣن  ﻣدوﻧﺔ اﻟﺟﻣﺎرك واﻟﺿراﺋب ﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷرة ﻋﻠﻰ أن: "اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻣطﺑﻘﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟﺟﻧﺢ واﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺎت اﻟﺟﻣرﻛﯾﺔ ھﻲ:
1- اﻟﺣﺑس.
2- ﻣﺻﺎدرة اﻟﺑﺿﺎﺋﻊ اﻟﻣرﺗﻛب اﻟﻐش ﺑﺷﺄﻧﮭﺎ واﻟﺑﺿﺎﺋﻊ اﻟﻣﺳﺗﻌﻣﻠﺔ ﻹﺧﻔﺎء اﻟﻐش ووﺳﺎﺋل اﻟﻧﻘل.
3- اﻟﻐراﻣﺔ اﻟﺟﺑﺎﺋﯾﺔ.
وﻣﺎ ﯾﻣﻛن ﻣﻼﺣظﺗﮫ ﺑﺧﺻوص ھذه اﻟﻣﺎدة أﻧﮫ ﺗم إﻟﻐﺎء اﻟﻐراﻣﺔ اﻹدارﯾﺔ وذﻟك ﺑﻘﺎﻧون 5 ﯾوﻧﯾو 2000 ﺗﺄﯾﯾدا ﻟﻠﻣﺑدأ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻛون اﻟﻐراﻣﺔ ھﻲ ﻋﻘوﺑﺔ ﯾوﻗﻌﮭﺎ اﻟﻘﺿﺎء ﺑﺎﺳم اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ.
 ﻓﻲ ﺣﯾن نجد ان الفصل 124 من المرسوم التطبيقي لمدونة الجمارك [2] ينص على ان  مدير الإدارة يتخد جميع التدابير التي يراها لازمة لتطبيق نظام القبول المؤقت على مختلف أصناف الأشخاص و الأشياء التي يمكنها الاستفادة من مقتضيات النظام المذكور ) و بذلك  فان هذا الفصل قد سمح لمدير إدارة الجمارك بتحديد ما يراه مناسبا فيما يتعلق بنظام القبول المؤقت دون ان يحدد بصفة قانونية نوعية هذه التدابير وحدودها في ما يخص المساس بحرية و حقوق الأشخاص المكرسة قانونا اتجاه نظام القبول المؤقت و هذا  يشكل مساسا بمبدا الشرعية  .
 ﻛﻣﺎ ﻧﺳﺟل أﯾﺿﺎ أن اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻓﻲ إطﺎر ﻣدوﻧﺔ اﻟﺟﻣﺎرك واﻟﺿراﺋب ﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷرة هيﻋﻠﻰ ﻧوﻋﯾن:
- ﻋﻘوﺑﺎت ﺗﺗﻌﻠق ﺑﻣرﺗﻛب اﻟﻐش، و الجزاء عنها هو الحبس و الغرامة او الغرامة فقط .
- ﻋﻘوﺑﺎت ﺗرﺗﺑط ﺑﺎﻟﺑﺿﺎﻋﺔ اﻟﻣرﺗﻛب اﻟﻐش ﺑﺷﺄﻧﮭﺎ  والجزاء عنها هو المصادرة.
ا- الحبس
فالحبس يعتبر العقوبة الوحيدة السالبة للحرية في مدونة الجمارك، وقد نصت المادة 209 منها على أنه " يطبق الحبس المنصوص عليه في هذه المدونة، وتقضى مدته طبق شروط الحق العام.)
وقد نص المشرع الجمركي على الحبس كعقوبة في الجنح فقط دون المخالفات، حيت تعاقب المادة 279 مكرر على الجنح الجمركية من الطبقة الاولى بالحبس من سنة الى 3 سنوات، بينما تعاقب المادة 280 على الجنح الجمركية من الطبقة الثانية بالحبس من شهر الى سنة.
ونجد ان  المشرع المغربي لم يعرف  عقوبة الحبس و إنما اكتفى بتحديد الكيفية التي يتم بموجها تنفيذ  عقوبة الحبس من خلال الفصل 28 من القانون الجنائي.[3]
وتبعا لذلك, فالحبس حسب الفصل و 17 و 18 من القانون الجنائي هو عقوبة أصلية تقرر للجنح و المخالفات و هو  عقوبة مؤقتة تترواح مدته بين يوم واحد و شهرواحد فيما يخص المخالفات ، و بين شهر وخمس سنوات بالنسبة للجنح  باستثناء حالات العود او غيرها من الحالات  التي يحدد فيها القانون مددا أخرى.
  انطلاقا من الفصلين 279 مكرر و280 من مدونة الجمارك  أعلاه, يتضح لنا بأن عقوبة الحبس في إطار القانون الجمركي تختلف عن تلك المنصوص عليها في القانون الجنائي, بحيث  ان عقوبتها تترواح بين شهر واحد  كحد أدنى, وثلاث سنوات كحد أقصى عندما يتعلق الأمر بجنح من الطبقة الأولى, أما بالنسبة للجنح من الطبقة الثانية فإن العقوبة تنخفض لتصبح سنة كحد أقصى، وشهر كحد أدنى. وهذه المدة القصيرة تنسجم مع مبدأ النفعية في القانون الجمركي ( الجانب المالي), بدلا من مبدأ العدالة المعروف في القانون الجنائي.
 و هذا ما يطرح اشكالا  في طبيعة العقوبة التي يجب تطبيقها و اعمالها في مواجهة المتهم مع ازدواجية في الاطار القانوني كما هو الحال في جرائم المخدرات و التي تبقى اقصى عقوبة فيها هي 3 سنوات و تخص الجنح الجمركية من الطبقة الأولى ، بينما اقصى عقوبة في ظهير 21/05/1974 هي 10 سنوات .
و يتضح ان الأساس التي تعتمده مدونة الجمارك في تحديد العقوبة ينطلق من كون الامر يتعلق بعملية استيراد و تصدير المخدرات و حيازتها باعتبارها بضاعة غير مصرح بها بموجب تصريح مفصل للبضائع او لم يتم الادلاء بالرخص و مبررات الحيازة المطلوب الادلاء بها . فسواء تعلق الامر بالمخدرات باعتبارها بضاعة بمفهوم الفصل الأول من مدونة الجمارك [4] او بباقي البضائع الأخرى فانه يجب ان يقدم تصريح بشانها عند الاستيراد او التصدير كما توجب ذلك احكام الفصل 65 من المدونة ، و عدم تقديم التصريح المذكور يعتبر جنحة جمركية بغض النظر عن طبيعة البضاعة .اما الأساس الذي يعتمده ظهير 21/05/1974 في العقاب عن عمليات استيراد و تصدير و مسك المخدرات فهو كون هذه الأفعال تنصب على مادة مخدرة او مادة سامة .
 و يمكن القول بان المرونة التي تتسم بها  ﻋﻘوﺑﺔ اﻟﺣﺑس ﻟﻠﺟرﯾﻣﺔ اﻟﺟﻣرﻛﯾﺔ ﻛﺟرﯾﻣﺔ اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ يرجعها البعض الى كونها لا ﺗرﻗﻰ إﻟﻰ درﺟﺔ اﺳﺗﮭﺟﺎن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻟﮭﺎ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ ﺑﻌض اﻟﺟراﺋم اﻟﻣﺷﯾﻧﺔ ﻛﺎﻟﺳرﻗﺔ  واﻟﻘﺗل ، ﺑﯾﻧﻣﺎ اﺗﺟﮫ اﻟﺑﻌض ﻵﺧر إﻟﻰ ﺣد اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺈﻟﻐﺎء اﻟﻌﻘوﺑﺔ اﻟﺣﺑﺳﯾﺔ ﻣﻊ اﻟزﯾﺎدة ﻓﻲ اﻟﻐراﻣﺔ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن اﻟدوﻟﺔ ﻟن ﺗﺳﺗﻔﯾد ﻣن ﺣﺑس اﻟﺗﺟﺎر، ﺑل ﺗﺳﺗﻔﯾد ﻋن طرﯾق اﻟزﯾﺎدة ﻓﻲ ﻣواردھﺎ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ وطﺑﻘﺎ ﻟﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻣﺎدة 214 ﻣن ﻣدوﻧﺔ اﻟﺟﻣﺎرك ﻓﺈن اﻟﻐراﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗم اﻟﺗﻧﺻﯾص ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻓﻲ ھذه اﻟﻣدوﻧﺔ ﺗﻐﻠب ﻋﻠﯾﮭﺎ ﺻﺑﻐﺔ ﺗﻌوﯾﺿﺎت ﻣدﻧﯾﺔ، ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن أﻧﮭﺎ ﺗﺻدر ﻋن اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻟزﺟرﯾﺔ، وﯾﺟب اﻟﺣﻛم ﺑﮭﺎ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺣﺎﻻت وﻟو ﻟم ﺗﻠﺣق اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻣرﺗﻛﺑﺔ أﯾﺔ أﺿرار ﻣﺎدﯾﺔ ﺑﺎﻟدوﻟﺔ.
ب- الغرامة :
ان الغرامة حسب المادة 35 من القانون الجنائي " هي إلزام المحكوم عليه بأن يؤدي لفائدة الخزينة العامة مبلغا من النقود بالعملة المداولة في المملكة". وهي عقوبة أصلية شأنها شأن الحبس تلزم المحكوم عليه بدفع مبلغ من النقود لفائدة خزينة الدولة .
والغرامة الجمركية هي الأكثر استعمالا في المادة الجمركية، ويتنوع مقدراها حسب طبيعة ودرجة خطورة المخالفة الجمركية المرتكبة .
و قد اختلف الفقه والقضاء المقارن في تحديد الطبيعة القانونية للغرامة الجمركية، وقد حسم المشرع الجمركي المغربي - في الفصل 214 من مدونة الجمارك – هذا الخلاف حيث نص على مايلي : " تغلب على الغرامات الجبائية المنصوص عليها في هذه المدونة صبغة تعويضات مدنية، غير أنها تصدر عن المحاكم الزجرية ، ويجب الحكم بها في جميع الحالات ولو لم تلحق الأفعال المرتكبة أي ضرر مادي بالدولة ".
وبذلك يتبين الطابع المزدوج للغرامة الجمركية فمن جهة هي ذات طابع زجري لانها :
لا يحكم بها إلا من محكمة تبث في المسائل الجزائية [5]
-         لا يحكم بها إلا في دعوى جزائية .
-         تقيد في صحيفة السوابق العدلية
-         الحكم بها إلزامي تقضي بها المحكمة من تلقاء نفسها بمجرد وقوع الجريمة دون حاجة إلى حدوث أي ضرر للخزينة العامة .
-         خضوع العقوبات المالية بما فيها الغرامات الجبائية للتقادم الخماسي .ف 239 من مدونة الجمارك
-         إمكانية تخفيض الغرامات[6]
-         يمكن أن تنفذ عن طريق الإكراه البدني[7]
وقد جاء في احد قرارات محكمة النقض " ... لكن حيث أنه بمقتضى الفصل 208 من مدونة الجمارك، فإن العقوبات والتدابير الاحتياطية المطبقة، في ميدان المخالفات الجمركية هي الحبس ... وأن المبلغ المحكوم به لفائدة إدارة الجمارك يعتبر عقوبة في شكل غرامة، حكم بها في إطار الفصل 208 المشار إليه، وليس تعويضا مدنيا عن الخسارة اللاحقة بها طبقا للقواعد العادية، "[8].
و من جهة ثانية فالغرامة الجمركية  تتخذ طابعا مدنيا لان هناك من يعتبرها  تعويضا مدنيا لفائدة الخزينة العامة عما أصابها من ضرر نتيجة عدم سداد الضريبة الجمركية، ويترتب عن ذلك أنه يمكن تطبيق الغرامة حتى على القاصرين اللذين تقل أعمارهم عن 18 سنة والمجانين[9] وكذا المسؤولين مدنيا[10]  والأشخاص المعنوية[11]كما انه لا يحكم إلا في حدود طلبات إدارة الجمارك و لفائدة إدارة الجمارك وحدها وليس لفائدة خزينة الدولة.
فالمشرع الجمركي المغربي كان موفقا عندما نص في الفصل214 من مدونة الجمارك على الطبيعة المزدوجة للغرامة الجمركية [12]، لأن القول بالطبيعة الزجرية الصرفة للغرامة الجمركية هو قول فيه قدر من المغالاة والتكليف، وذلك لما ينجم عن هذا الاتجاه من تناقضات تؤدي في الأخير إلى  صعوبات وإشكالات قانونية. كما أن القول بطبيعتها المدنية الصرفة يفرز أيضا مجموعة من الصعوبات[13].
أما القضاء المقارن فقد استقر في كل من فرنسا ومصر ولبنان والجزائر على أن الغرامة الجبائية عامة، والغرامة الجمركية على وجه الخصوص ذات طبيعة مختلطة.
وفي قرار محكمة النقض الفرنسية جاء فيه أن الغرامات الجبائية هي عقوبات أكثر منها تعويضات مدنية نتيجة الإضرار لمصلحة الدولة[14]
 ت- المصادرة :
وﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣﺻﺎدرة ﻓﻠﮭﺎ ﺻﻔﺔ ﻣزدوﺟﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ اﻟﻣﻐرﺑﻲ؛ ﺻﻔﺔ اﻟﻌﻘوﺑﺔ وﺻﻔﺔ اﻟﺗدﺑﯾر اﻟوﻗﺎﺋﻲ، وﻗد أﻋطﺗﮭﺎ ﻣدوﻧﺔ اﻟﺟﻣﺎرك ھذه اﻟﺻﻔﺔ اﻟﻣزدوﺟﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 210 ﺣﯾث ﺟﺎء ﻓﯾﮭﺎ: "إن ﻣﺻﺎدرة اﻟﺑﺿﺎﺋﻊ اﻟﻣﺣظورة ﺑﺎي وﺟﮫ ﻣن اﻟوﺟوه ﺗﻛﺗﺳﻲ ﻋﻠﻰ اﻷﺧص ﺻﺑﻐﺔ ﺗداﺑﯾر اﺣﺗﯾﺎطﯾﺔ وﺗﻐﻠب ﻋﻠﻰ ﻣﺻﺎدرة اﻷﺷﯾﺎء ﻏﯾر اﻟﻣﺣظورة ﺻﺑﻐﺔ ﺗﻌوﯾض ﻣدﻧﻲ".
أي أﻧﮫ ﻋﻧدﻣﺎ ﻧﻛون ﺑﺻدد ﺑﺿﺎﻋﺔ ﻣﺣظورة ﻓﺎﻟﻣﺻﺎدرة ﺗﻛون ﻟﮭﺎ ﺻﺑﻐﺔ ﺗدﺑﯾر اﺣﺗﯾﺎطﻲ، أﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت اﻟﺑﺿﺎﻋﺔ ﻏﯾر ﻣﺣظورة ﻓﺎﻟﻣﺻﺎدرة ﺗﺗﺧذ ﺻﻔﺔ اﻟﻌﻘوﺑﺔ.
واﻟﻣﺻﺎدرة ﻛﻣﺑدأ ﻋﺎم ھﻲ ذات طﺑﯾﻌﺔ ﻋﯾﻧﯾﺔ وھﻲ ﻛذﻟك وﺟوﺑﯾﺔ ﯾؤﻣر ﺑﮭﺎ وﺟوﺑﺎ طﺑﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدﺗﯾن 210 و212 ﻣن ﻣدوﻧﺔ اﻟﺟﻣﺎرك، ﻏﯾر أن اﻟﺧﻼف ﯾﺑﻘﻰ ﻣﻌﻘودا ﺣول ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت ﻋﻘوﺑﺔ أﺻﻠﯾﺔ أم إﺿﺎﻓﯾﺔ؟ ﻓﻣن ﯾطﺑق اﻟﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ ﯾرى أﻧﮭﺎ ﻋﻘوﺑﺔ ﺗﻛﻣﯾﻠﯾﺔ وﺟوﺑﯾﺔ، وﻣن ﯾﺄﺧذ ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر ﻣﺎ ﯾﻧﻔرد ﺑﮫ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟﻣرﻛﻲ ﻣن ﺧﺻوﺻﯾﺎت ﯾرى أﻧﮭﺎ ﻋﻘوﺑﺔ رﺋﯾﺳﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر أﻧﮭﺎ وردت ﻓﻲ ﻣدوﻧﺔ اﻟﺟﻣﺎرك واﻟﺿراﺋب ﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷرة ﺑدون وﺻف.
ثانيا : اﻟﺗداﺑﯾر اﻻﺣﺗﯾﺎطﯾﺔ.
ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻣطﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺟراﺋم اﻟﺟﻣرﻛﯾﺔ واﻟﺳﺎﻟف ذﻛرھﺎ ﻧص اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ ﻣدوﻧﺔ اﻟﺟﻣﺎرك واﻟﺿراﺋب ﻏﯾراﻟﻣﺑﺎﺷرة ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺗداﺑﯾر اﻻﺣﺗﯾﺎطﯾﺔ وھﻲ ﻛﺎﻟﺗﺎﻟﻲ:
اﻟﻣﺻﺎدرة ﻛﺗدﺑﯾر اﺣﺗﯾﺎطﻲ ﻋﯾﻧﻲ.
اﻹﻏﻼق اﻟﻣؤﻗت أو اﻟﻧﮭﺎﺋﻲ ﻟﻠﻣﻌﺎﻣل أو اﻟﻣﺻﺎﻧﻊ أو اﻟﻣؤﺳﺳﺎت.
ﻣﻧﻊ اﻟﻣﻘﺎم ﺑداﺋرة اﻟﺟﻣﺎرك.
ﻣﻧﻊ اﻟدﺧول إﻟﻰ اﻟﻣﻛﺎﺗب واﻟﻣﺧﺎزن واﻟﺳﺎﺣﺎت اﻟﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﺣراﺳﺔ اﻟﺟﻣرك.
ﺳﺣب رﺧﺻﺔ ﻗﺑول اﻟﻣﻌﺷر ﻓﻲ اﻟﺟﻣرك أو اﻹذن ﻓﻲ اﻻﺳﺗﺧﻼص ﺑﺎﻟﺟﻣرك.
اﻟﺣرﻣﺎن ﻣن اﻻﺳﺗﻔﺎدة ﻣن اﻷﻧظﻣﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺟﻣرك.
ﺳﺣب رﺧﺻﺔ اﺳﺗﻐﻼل ﻣﺧﺎزن وﺳﺎﺣﺎت اﻻﺳﺗﺧﻼص اﻟﺟﻣرﻛﻲ .
وﻓﻲ اﻷﺧﯾر ﯾﻣﻛن اﻟﻘول أن اﻟﺟزاءات ﻓﻲ اﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻟﺟﻣرﻛﯾﺔ ﺗﺗﺟﻠﻰ ﻓﻲ اﻟﻌﻘوﺑﺎت ﺑﻣﺎ ﻓﯾﮭﺎ اﻟﻣﺻﺎدرة واﻟﺣﺑس واﻟﻐراﻣﺔ اﻟﺟﺑﺎﺋﯾﺔ،إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟﺗداﺑﯾر اﻻﺣﺗﯾﺎطﯾﺔ اﻟﻌﯾﻧﯾﺔ واﻟﺷﺧﺻﯾﺔ .


[1]
الفصل 221-  فعنصر النية لا يثبته أعوان إدارة الجمارك , بل يفترض بمقتضى المادة 205 من مدونة الجمارك إلا أنه يمكن إثبات حسن النية للتملص من العقاب و دفع المسؤولية , كما هو الحال عند اقتناء بضاعة من مصدر يستبعد من ظاهر تعاملاته ارتكابه للغش أو أنه أتبت ظروف عملية الحيازة أو الشراء انعدام سوء النية و انعدام العلم بكون البضاعة موضوع غش . كما يمكن أن نستند إلى ثمن الشراء فإن كان أقل من ثمن السوق تقوم قرينة العلم بالغش أما إذا كان الثمن مناسبا فيمكن اعتباره دعما لحسن نية الحائز او المشتري.
والمشرع عندما ذكر حيازة أو شراء البضائع المرتكب الغش بشأنها لم يحدد الكمية التي تضفي الصفة غير الشرعية على عملية الشراء أو الحيازة فنموذج أقاليم الشمال في المغرب مثلا حيث يعمد سكان الحدود إلى اقتناء مستلزماتهم من مدنيتي سبتة و مليليه فهل يسأل كل من اشترى هذه السلع مادام يسمح لهم بالمرور لاقتناء حاجيتهم أم أن هناك معيارا لتمييز ما يعتبر اشتراكا وما لا يوصف بذلك .
فمدونة الجمارك المغربية لم تقدم حلا لذلك بخلاف الوضع في فرنسا التي أتى قانونها بنص فريد يعاقب في حالة شراء البضائع المهربة و يعتبر المشتري له مصلحة في الغش إذا حاز بضائع تزيد عن حاجته الاستهلاكية و ذلك طبقا للمادة 40 من قانون الجمارك الفرنسي .


الفقرة الثانية: سلطات القاضي الجنائي في تفريد العقاب  
لان كانت مؤسسة تفريد العقاب في القانون الجنائي العام تطغى عليها الوظيفة العقابية المتمثلة في التاهيل و إعادة الادماج فانها في القانون الجنائي الجمركي تراعى فيها الوظيفة التعويضية ، و هذا ما دفع المشرع الجمركي الى التدخل بمقتضى التعديل الصادر بظهير 05/06/2000 من اجل العدول على موقفه السابق الذي كان ينص على عدم تطبيق ظروف التخفيف على الغرامات و المصادرات الجمركية,[15]و هو الامر الذي ترتب عليه تطبيق القواعد العامة الخاصة بسلطات القاضي الجزائي في تخفيف أو تشديد العقوبة السالبة للحرية
أ ـ تخفيف العقوبة:
  عند توافر الظروف القضائية المخففة, يجوز للقاضي تخفيف العقوبة والنزول به إلى الحد الأدنى المقرر للجريمة وتخفيف العقاب في هذه الحالة جوازي بالنسبة للقاضي وليس واجبا عليه وفي ذلك توسيع لنطاق السلطة التقديرية للقاضي, والظروف المخففة ليست محددة في القانون, وإنما هي موكولة لمطلق تقدير القاضي, ويتضح ذلك ما نص عليه الفصل 146 من القانون الجنائي الذي يقضي بأنه: " إذا تبين للمحكمة الزجرية, بعد انتهاء المرافعة في القضية المطروحة عليها, أن الجزاء المقرر للجريمة في القانون قاس بالنسبة لخطورة الأفعال المرتكبة أو بالنسبة لدرجة إجرام المتهم, فإنها تستطيع أن تمنحه التمتع بظروف التخفيف إلا إذا وجد نص قانوني يمنع ذلك.[16]
ومنح الظروف المخففة موكول إلى تقدير القاضي, مع التزامه بتعليل قراره في هذا الصدد بوجه خاص, وآثار الظروف المخففة شخصية بحثة فلا تخفف العقوبة إلا فيما يخص المحكوم عليه الذي منح التمتع بها ".
 و المشرع الجمركي بدوره قد كرس مبدا تفريد العقاب و إمكانية تمتيع المتهم بظروف التخفيف و بذلك نجده ينص في الفصل 257 المكرر - 1 – إذا تبین للمحكمة وجود عناصر تثبت حسن نیة مرتكب المخالفات  للقوانین والأنظمة الجمركیة أمكنھا منح ظروف التخفیف و بالتالي:
أ) الحكم بإرجاع وسائل النقل المحجوزة بشرط أن لا تكون مھیئة لارتكاب الغش أو مزودة
بمخابئ أو مساحات فارغة لا تخصص عادة لإیواء البضائع وألا تكون في وضعیة غیر قانونیة ؛
ب) إرجاع الأشیاء المستعملة لإخفاء الغش؛
ج) التخفیض من المبالغ التي تقوم مقام مصادرة البضائع المرتكب الغش بشأنھا وذلك إلى حدود
نصف قیمة ھذه البضائع؛
د) تخفیض الغرامات بمبلغ لا یتعدى ثلث مبلغ الغرامات المستحقة أو بمبلغ لا یقل عن الحد الأدنى
بالنسبة للمخالفات التي تقرر فیھا ھذه المدونة حدا أدنى.
2 – إذا تم الأخذ بظروف التخفیف بالنسبة لبعض المشاركین أو المتواطئین في مخالفة جمركیة
واحدة، تحكم المحكمة أولا بالغرامات المالیة على وجه التضامن وتحدد بعد ذلك نصیب كل شخص من الأشخاص المتضامنین في العقوبات المحكوم بھا، استفاد من ظروف التخفیف. )
و يلاحظ ان الأساس الذي اعتمدته مدونة الجمارك في اعتماد التخفيف من العقوبات في الفصل 257 مكرر أعلاه هو حسن نية مرتكب المخالفات على عكس الأساس الذي اعتمده القانون الجنائي في الفصل 146 المشار اليه أعلاه و الذي سمح للقاضي بتمتيع المتهم استنادا الى قساوة العقوبة مقارنة بالفعل المرتكب .
ب ـ تشديد العقوبة:
   هذه الظروف محددة في القانون, وتتعلق بجنايات أو جنح معينة وإذا توافرت هذه الظروف فإن القاضي يشدد العقاب على المتهم, بحيث يحكم عليه بعقوبة تجاوز الحد الأقصى للعقوبة المقررة للجريمة في شكلها البسيط. وعندما يحكم القاضي بعقوبة مشددة, فإن ذلك يؤدي إلى تغيير نوع الجريمة, حيث ينص المشرع على أنه فيما عدا حالة العود, فإن نوع الجريمة يتغير إذا نص القانون على عقوبة متعلقة بنوع آخر من أنواع الجريمة لسبب ظروف التشديد.
        ان ظرف التشديد الوحيد المنصوص عليه في القانون الجمركي هو حالة العود و المنصوص عليه في الفصل 257 مكرر مرتين من مدونة الجمارك و الذي ينص على انه (یضاعف الحد الأقصى للعقوبات المالیة المستحقة إذا قام مقترفو الجنح أو المخالفات الجمركیة، بارتكاب جنحة أو مخالفة جمركیة جدیدة، غیر مخالفات الطبقة الرابعة،خلال الثلاث سنوات التي تلي إبرام مصالحة أو إدانة بمقتضى حكم نھائي
. ولا یطبق ھذا المقتضى على الأشخاص الذین یقومون لحساب الغیر، بالإجراءات الجمركیة إلا في
حالة خطأ شخصي و متعمد.)
  الواضح إنه يمكن تطبيق حالة العود في القانون الجمركي إذا توفرت شروطه القانونية والتي تتمثل في ضرورة صدور حكم من أجل جريمة سابقة, ويكون حكما نهائيا غير قابل للطعن فيه بأي وجه من وجوه الطعن و يرتكب جنحة او مخالفة اخرى داخل اجل 3 سنوات من صيرورة الحكم الأول نهائيا او من تاريخ ابرام المصالحة .
 
   



[1]  ادولف رييولط مستشار فني سابق بوزارة العدل .القانون الجنائي في شروح . منشورات جمعية تنمية البحوث و الدراسات القضائية .دار نشر المعرفة الطبعة الثانية 1997. تنسيق النص العربي  : ذ/ زينب الطالبي مستشارة ملحقة بوزارة العدل
[2]  المرسوم عدد 862.77.2 بتاريخ 09/10/1977 بتطبيق مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة
[3]  ينص  الفصل 28 من القانون الجنائي على ما يلي : " تنفذ عقوبة الحبس في إحدى المؤسسات المعدة لهذا الغرض أو في جناح خاص من أحد السجون المركزية مع الشغل الإجباري في الداخل أو الخارج فيما عدا حالة ثبوت عجز بدني" .
[4]  الفصل الاول
[5] المادة 214 من م ج ض غ م
[6]  المادة 250 مكرر من م ج ض غ م
[7]  المادة 262 من م ج ض غ
[8]  قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 26/03/2002 في الملف الجنائي عدد 5090/03/98 منشور بمجلة المجلس الأعلى العدد المزدوج 57-58 السنة 23 ص 460 أورده جلال الكرات "النزاع المالي" رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص- جامعة عبد المالك السعدي- كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة السنة 2011 -2012 ص 35
[9]  الفصل 228م ج ض غ م
[10] الفصل 229 م ج ض غ م
[11] المادة 227 من م ج ض غ م
[12]  تنص المادة 214 من مدونة الجمارك على انه تغلب على الغرامات الجبائية المنصوص عليها في هذه المدونة صبغة تعويضات مدنية غير أنها تصدر عن المحاكم الزجرية ويجب الحكم بها في جميع الحالات ولو لم تلحق الافعال المرتكبة أي ضرر مادي للدولة.
[13]  نور الهدى فرتول مرجع سابق ص 59 و 60
[14] قرار صادر بتاريخ 23/03/1944 أورد عبد الكريم المصباحي " سياسة التجريم والعقاب " بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص – ماستر النظام الجمركي – جامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – طنجة 2012 -2013

[15]  زين الاسم الحسين خصوصيات القانون الجنائي الجمركي على ضوء الاجتهاد القضائي المغربي .الطبعة الأولى 2008/2009
[16] -  شادية شومي : محاضرات في القانون الجنائي العام , الطبعة الأولى 1997 , نشر وتوزيع مكتبة دار السلام الرباط , ص : 168 .

banner
الموضوع السابق
الموضوع التالى

0 التعليقات: