مقدمة:
تصاعدت
في الآونة الأخيرة
حدة عمليات القرصنة البحرية
في أعالي البحار
الأمر الذى أصبح يمثل مساساً
وتهديداً للملاحة البحرية الدولية
ولحركة التجارة فى
المياه الدولية.
وجدير
بالذكر أنه إذا
كان النظام القانوني لمناطق
أعالي البحار يقرر
عدم خضوع هذه المناطق
لسيادة أي دولة
وبالتالي لا تدخل
في اختصاص أي قانون
وطنى؛ فإن هذا
لا يعنى ترك
هذه المناطق الشاسعة مسرحاً
للجرائم والفوضى؛ وإلا
انتفى الهدف الذى من
أجله تقرر مبدأ
حرية أعالي البحار؛ مع
ما يستلزمه هذا
المبدأ من ضرورة توطيد
أمن وسلامة جميع
السفن التى تجوب مناطق أعالي
البحار.
ويلاحظ
أن جريمة القرصنة
البحرية لا تهدد
دولة معينة بالتحديد
بل تهدد أمن
وسلامة الأسرة الدولية ككل؛
الأمر الذى جعل
من القرصان عدواً للجنس
البشرى؛ وأفعاله موجهة ضد
المجتمع الدولي وبالتالي
كان حرياً وصف السلوك
غير المشروع الصادر
منه بأنه يشكل جريمة
دولية إذ من
شأنه المساس بالمصلحة الدولية
الجديرة بالحماية الجنائية
التى يقررها القانون الدولي
الجنائي.
ونظراً
للآثار الجسيمة التى
تترتب على جريمة القرصنة
البحرية من المساس
بأمن وسلامة الملاحة البحرية
الدولية فضلاً عن
الآثار الاقتصادية الناجمة
عن تهديد حركة التجارة
الدولية بالملاحة الدولية. فقد
استقر العرف الدولي
منذ أمد بعيد على
تخويل الدول حق
إلقاء القبض على
سفن القرصنة التى تجوب
أعالي البحار أو
المناطق التى لا تخضع
لولاية دولة ما،
كما أن لدول المجتمع
الدولى الحق فى
إلقاء القبض على الأشخاص
المتهمين باقتراف جريمة
القرصنة البحرية ومحاكمتهم وعقابهم.
وقد ظل الأمر
على هذا المنوال يجد
أساسه القانوني فى
العرف الدولي إلى
أن تم تجريم القرصنة البحرية بموجب اتفاقية
جنيف بشأن أعالي البحار
لعام 1958 . ثم بموجب . اتفاقية الأمم
المتحدة لقانون البحار
لعام 1982 . وتعتبر هذه الجريمة من
الجرائم التي تمس مصالح جل الدول خاصة منها المتقدمة اقتصاديا والدول النفطية . لذلك يتعين
على كافة الدول
لاسيما المتقدمة منها أن
تتعاون لمواجهة وقمع
أعمال القرصنة المذكورة فى
أعالي البحار أو
فى أي مكان آخر لا
يخضع لولاية أى
دولة. ولذلك سوف نحاول فى
هذا البحث دراسة
بعض الأفكار التى
من شأنها إلقاء مزيد
من الضوء على
جريمة القرصنة البحرية كجريمة
دولية من شأنها المساس
بمصلحة دولية جديرة
بالحماية الجنائية الدولية
التى يقررها القانون
الدولي الجنائي والتي تتمثل
فى سلامة وأمن
الملاحة البحرية فى
أعالي البحار وذلك من
خلال مبحثين على النحو التالي:
المبحث الأول: الجذور التاريخية لجريمة القرصنة
البحرية وتعريفها
.
المبحث الثاني: اركان
جريمة القرصنة البحرية وخصائصها والاختصاص القضائي للبت فيها
0 التعليقات: