المبحث الثاني: آثار اتفاق التحكيم .
ان اتفاق
الاطراف على اللجوء الى التحكيم سواء بموجب شرط في
عقد، او بموجب عقد تحكيم يجعل الأطراف يتجنبون اللجوء الى القضاء الرسمي للدولة
لسبب من الأسباب التي تدخل في اعتبارات خاصة لكل طرف ،وخاصة وان المتعاقد الأجنبي
يرغب دائما في الخضوع الى قوانين دولية يعرفها مسبقا ويتحاشى الخضوع لقانون
وإجراءات قضائية للبلد الذي يشتغل فيه والتي لا يعرف عنها الكثير ان لم يكن يجهلها
.
ان
الاتفاقيات الدولية ومعها القوانين الوطنية للدول قد جعلت اتفاق التحكيم الذي
يبرمه طرفي العلاقة التجارية والذي يعتبر
المصدر الأساسي الذي يعطي الحق للمحكمين في بسط يدهم على النزاع والبت فيه ،ينتج
عنه اثارا ومبادئ قانونية والتي يمكن دراستها
من خلال التطرق في المطلب الأول الى مبدا استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي على ان نتطرق في المطلب الثاني الى اثار
اتفاق التحكيم اتجاه اطرافه.
المطلب الأول : استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي :
استقلالية التحكيم
عن العقد الأصلي
من المبادئ المستقرة
حاليا في إطار القوانين
الوضعية أو المعاهدات
الدولية ولوائح التحكيم . حيث تستمد هذه
الاستقلالية من الموضوع المختلف
لكل من العقدين : العقد الأصلي و
الاتفاق على التحكيم .
فالاتفاق على
التحكيم هو عقد
ينصب محله على
الفصل في
المنازعات الناشئة عن
تنفيد او تفسير بنود
العقد الأصلي . ويترتب عن
ذلك أن الاتفاق
على التحكيم ليس
مجرد شرط وارد
في العقد الأصلي
، بل هو عبارة
عن عقد آخر
من طبيعة مختلفة .فما هو المفهوم الفقهي
لاستقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي ؟وماهي اثاره ؟
الفقرة الأولى :مفهوم
مبدا استقلال اتفاق التحكيم واهميته .
أولاً- المعنى التقليدي لمبدأ استقلالية اتفاق التحكيم وهو ما يعبر عنه بالاستقلال المادي اتجاه العقد: وينصرف المفهوم التقليدي لمبدأ استقلال اتفاق التحكيم إلى انفصال هذا الاتفاق
عن العقد
الأصلي الذي ورد فيه، أو ارتبط به، بحيث ينظر دائماً في تقدير صحة اتفاق التحكيم إلى ذات ماهيته، أي من حيث وجوده هو لا من حيث وجود العقد [1]
ومن التعريفات التي قيلت بهذا الخصوص ما يلي: يقصد باستقلالية شرط التحكيم عن العقد الأصلي: أن عدم مشروعية العقد الأصلي، أو صحته أو بطلانه، أو فسخه، لا يؤثر على شرط التحكيم، سواء كان هذا الشرط مدرجاً في العقد الأصلي، أم كان مستقلاً عنه في صورة اتفاق تحكيم، وأساس هذا النظر أن اتفاق التحكيم يعالج موضوعاً مختلفاً عن موضوع العقد الأصلي، لأن اتفاق التحكيم تصرف قائم بذاته له كيانه المستقل عن العقد
الأصلي
[2]
ثانياً- المعنى الحديث لمفهوم استقلال شرط التحكيم: لم يقف مفهوم استقلال اتفاق التحكيم عند المعنى التقليدي الذي ينصرف إلى استقلاله المادي عن حكم العقد الذي ورد فيه، وإنما اتخذ مفهوماً آخر، وهو استقلاله عن حكم القانون الذي يحكم العقد الأصلي ، وعن سائر القوانين الوطنية.
فيقصد من استقلالية شرط التحكيم عن القانون الذي يحكم العقد الأصلي: أنه إذا كان القانون المطبق على العقد
الأصلي يعتبر اتفاق التحكيم
باطلا لعيب في الرضا مثلاً، أو لاختلاف صفة الأطراف، أو لطبيعة الالتزامات
التعاقدية الوارد بشأنها، أو يمنعه في بعض العقود، إلى غير ذلك فإن ذلك لا أثر على صحة اتفاق التحكيم [3]
ويقصد من استقلالية اتفاق التحكيم عن سائر القوانين الوطنية: فهو استقلال اتفاق التحكيم عن كل قانون يؤدي إلى بطلانه، وتسري عليه قواعد قانونية مستمدة من مبادئ وعادات التجارة الدولية [4]
ثالثا
-أهمية استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي .
إن الارتباط بين اتفاق التحكيم والعقد
الأصلي يترتب عليه عدم السير في إجراءات التحكيم حتى تفصل الجهة القضائية في المنازعات المتعلقة باختصاص هيئة التحكيم، أو انعدام ولايتها ، وبصورة أخرى يمكن القول بأن ارتباط اتفاق التحكيم بالعقد الأصلي يؤدي إلى غل يد المحكم عن التحكيم، بمجرد أن يطرح أي طرف عدم صحة العقد الأصلي
. ويصبح المحكم عندئذ ملزماً بإعلان عدم صلاحيته [5]
فإذا قام أحد أطراف العقد بالطعن في العقد الأصلي بأحد أوجه البطلان، فإن الأخذ بالارتباط بين اتفاق التحكيم والعقد الأصلي يؤدي إلى جعل المحكم غير أهل لنظر المنازعات المتعلقة بالعقد
الأصلي، لأنه لا يمكن للمحكم أن يفصل في صحة عقد هو مصدر سلطاته، وعلى ذلك إذا تم الطعن في صحة العقد الأصلي فإن القضاء هو الذي سيتصدي لهذه المسألة، ويمكنه من خلال النظر في صحة العقد الأصلي التصدي لأساس النزاع
[6].
أما الأخذ بمبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن موضوع العقد الأصلي، فإن ذلك يؤدي إلى عدم تأثر
اتفاق التحكيم ببطلان العقد الأصلي، بحيث يعتبر اتفاق التحكيم مستقلاً عن العقد الأصلي، وسيكون للمحكم في حالة استقلالية اتفاق التحكيم النظر في المنازعات المتعلقة ببطلان العقد الأصلي، لأنه لا يستمد ولايته منه وإنما من اتفاق التحكيم المستقل عنه [7]
ويرى أحد الفقهاء[8] بأن الحكمة من استقلالية اتفاق التحكيم تكمن في أن اتفاق التحكيم سواء كان شرطاً أو مشارطة، فإنه ليس عقداً موضوعياً من عقود القانون الخاص الذي يؤمه القانون المدني،إنما هو اتفاق إجرائي من اتفاقات القانون الإجرائي، الذي يؤمه قانون المرافعات، ولذلك فإن اتفاق
التحكيم لا يرتبط وجوداً وعدماً بأي عقد موضوعي حتى ولو كان هذا الاتفاق قد نشأ بمناسبة عقد موضوعي، فاستقلال اتفاق التحكيم يعتبر محضاً لاستقلال الاتفاقيات الإجرائية عن الاتفاقيات الموضوعية، وبذلك فإن الاستقلال ليس حكراً على اتفاق التحكيم وصوره، وإنما يسري على كل الاتفاقيات الإجرائية فالاتفاق على اختصاص محكمة المدعي مثلاً بشأن المنازعات الناشئة عن عقد إيجار هو اتفاق إجرائي مستقل عن العقد الموضوعي.
الفقرة الثانية : موقف الاتفاقيات الدولية من مبدأ استقلالية اتفاق التحكيم عن العقد الاصلي .
ومن الثابت أن الاعتراف بمبدأ استقلالية اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي الذي
يتضمنه يستخلص من مجموع المعاهدات الدولية الرئيسية المنظمة للتحكيم.
موقف اتفاقية نيويورك الموقعة في عام 1958 : ذهب أحد الفقهاء [9]، بالقول أن اتفاقية نيويورك لم يرد بين نصوصها ما يشير إلى مبدأ
استقلالية شرط التحكيم عن العقد الأصلي، وأن الحكم على صحة اتفاق التحكيم يتم تقديره وفقاً للقانون الذي اختاره الأطراف،
بموجب قانون البلد الذي صدر فيه حكم التحكيم، حيث جاء في نص المادة
05/1/أ من الاتفاقية المذكورة على أنه "لا يجوز رفض الاعتراف وتنفيذ الحكم بناء على طلب الخصم الذي يحتج عليه بالحكم، إلا إذا قدم هذا الخصم للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الاعتراف والتنفيذ، الدليل على أن الاتفاق غير صحيح وفقاً للقانون الذي أخضعه له الأطراف، أو عند عدم النص على ذلك طبقاً لقانون البلد الذي صدر فيه الحكم
.
وذهب رأي آخر، بالقول بان النص المذكور يستفاد منه إمكانية خضوع اتفاق التحكيم لقانون
آخر غير ذلك الذي يخضع له العقد الأصلي، وبالتالي فتكون اتفاقية نيويورك قبلت ضمناً أن يكون لاتفاق التحكيم نظام قانوني مستقل عن العقد الأصلي، أي يمكن إدراجها في إطار الاتجاهات المؤيدة لفكرة استقلالية اتفاق التحكيم [10]
.موقف الاتفاقية الاوربية للتحكيم المؤرخة في 21 ابريل
1961 بجنيف
نصت في فصلها السادس على انه (وعندما
يتوجب على محاكم الدول المتعاقدة إصدار قرارها حول وجود أو صحة إحدى اتفاقيات
التحكيم، فهي تصدرها فيما خص أهلية الفرقاء وفقًا للقانون المطبق
عليهم )
ويبدو من هذا الفصل ان الاتفاقية قد نصت صراحة على ان
المحاكم الرسمية عندما تكون بصدد البت في مدى صحة اتفاق التحكيم من عدمه ،فانه
يتعين عليها ان تطبق على الأطراف فيما يخص اهليتهم :القانون الواجب التطبيق
على كل واحد منهم ،اما عندما يعرض عليها امر البت في باقي المواضيع الأخرى غير
الاهلية فانه يتعين عليها ان تبت وفقًا للقانون الذي
أخضع الفرقاء اتفاق التحكيم إلى أحكامه . وفي حال عدم التنصيص على قانون
خاص يرجع اليه للبت في النزاعات الناشئة عن اتفاق التحكيم، فيتم البت في النزاع وفقًا
لقانون البلد الذي سيتم صدور الحكم التحكيمي فيه. والا فبموجب القانون
المختص استنادًا إلى قواعد تنازع القوانين لدى المحكمة التي رفعت القضية إليها.
وبذلك تكون الاتفاقية قد اقرت باستقلال اتفاق التحكيم عن
العقد الأصلي بمفهومه الحديث ،أي ان اتفاق التحكيم قد يتم الفصل فيه بموجب قواعد
وقوانين تختلف عن تلك التي يخضع لها العقد الأصلي في حالة قيام اية منازعة .
موقف
القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي للجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (اليونسترال) لعام 1985: فقد نصت المادة 16 من الاتفاقية على انه (يجوز لهيئة التحكيم البت في اختصاصها، بما في
ذلك البت في أي اعتراضات تتعلق بوجود اتفاق التحكيم أو بصحته. و لهذا الغرض، ينظر
إلى شرط التحكيم الذي يشكّل جزءا من عقد كما لو كان اتفاقا مستقلا عن شروط العقد
الأخرى. وأي قرار يصدر من هيئة التحكيم ببطلان العقد لا يترتب عليه بحكم القانون
بطلان شرط التحكيم ) .
وبهذا يكون القانون النموذجي نص صراحة على استقلالية اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي
.ويستفاد من النص المذكور أن صحة أو نفاذ اتفاق التحكيم غير مرتبطة بمصير العقد
الأصلي .
موقف
الاتفاقية العربية للتحكيم المبرمة عام 1987 م: لم يرد في الاتفاقية العربية للتحكيم ما يشير صراحة إلى مبدأ استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي، ولكنها تحدثت عن سلطة المحكمين للنظر في اختصاصهم
حيث جاء في نص المادة ( 24 ) من الاتفاقية المذكورة انه "يجب إبداء الدفع بعدم الاختصاص والدفوع الشكلية الأخرى قبل الجلسة الأولى، وعلى هيئة التحكيم أن تفصل فيها قبل الدخول في الموضوع، ويكون قرارها بهذا الشأن نهائياً"(
ويرى البعض
[11]، أن الاتفاقية بنصها على منح هيئة التحكيم سلطة النظر في اختصاصها، فهذا يدل دلالة واضحة على الأخذ بمبدأ استقلالية شرط التحكيم عن العقد الأصلي، وعلى هذا الأساس فإن الاتفاقية العربية للتحكيم التجاري شأنها شأن القواعد القانونية الحديثة في مجال التحكيم الدولي،أخذت بمبدأ الاستقلالية.
وذهب أحد الفقهاء( 6) بالقول إن الاتفاقية المذكورة لم تأت على ذكر استقلالية شرط التحكيم، الأمر الذي سيتيح للطرف الذي يريد التهرب من التحكيم أن يماطل في إجراءاته.
الا
ان الملاحظ بكون الاتفاقية لما اعطت
للهيئة التحكيمية اختصاص البت في صحة
اتفاق التحكيم قبل الدخول في مناقشة النزاع الناشئ عن العقد الأصلي ،- لانه لا
يمكن للمحكمين البت في النزاع القائم بخصوص النزاع الأصلي الا بعد التأكد من صحة
اتفاق التحكيم الذي يعتبر سند اختصاصهم للبت في النزاع -فانها بذلك تكون الاتفاقية
المدكورة قد اقرت للهيئة التحكيمية بالبت بصفة مستقلة في الاتفاق التحكيمي وهو
يفسر على ان الاتفاقية بذلك قد اعتبرت ان اتفاق التحكيم مستقل عن العقد
الأصلي ،لان عدم صحة اتفاق التحكيم ينزع الاختصاص فقط عن الهيئة التحكيمية ولا
يؤدي حتما الى بطلان العقد الأصلي الذي يتعين إحالة النزاع بشانه الى الجهة
القضائية المختصة .
اذا
كان مبدا استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي قد اقرته جل الاتفاقيات الدولية
التي نظمت التحكيم ،فان دور مراكز التحكيم الدائمة بدوره قد كرس هذا المبدا ، ومن المراكز التي كرست مبدأ استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي نظام تحكيم غرفة التجارة
الدولية بباريس، ونظام تحكيم لندن للتحكيم الدولي، ونظام تحكيم الهيئة الأمريكية للتحكيم، وقواعد التحكيم التي وضعتها الأمم المتحدة .
كما
ان هذا المبدا قد كرسته جل القوانين الوضعية ومنها القانون المغربي الذي نص في
الفصل 318 من ق م م على انه (يعتبر شرط
التحكيم اتفاقا مستقلا عن شروط العقد الأخرى. ولا يترتب على بطلان العقد أو
فسخه أو إنهائه أي أثر على شرط التحكيم الذي يتضمنه إذا كان هذا الشرط صحيحا في
ذاته )
وبرز
أيضا مبد استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي في أحكام التحكيم ومنها حكم التحكيم الصادر في
قضية (ليامكو) ضد الحكومة الليبية فقد أشار المحكم العربي (صبحي
المحمصاني) في الحكم الذي أصدره في 12 أبريل لسنة 1977 على أن (( شرط التحكيم
يظل باقياً بعد فسخ الدولة للعقد الذي يتضمنه وأن هذا الشرط يظل نافذ المفعول حتى
بعد هذا الفسخ))([12]).
خلاصة القول أن أستقلال شرط التحكيم قد أصبح من المبادئ
المستقرة بشأن التحكيم التجاري الدولي وهذا ما يؤدي إلى تحقيق فعالية التحكيم
كضمانة للمستثمرين ويبعث في نفوسهم الثقة والأطمئنان من خلال تحصين شرط التحكيم من
كل أسباب البطلان التي تمس العقد الأصلي وهذا ما يجعل من التحكيم وسيلة فعالة لحسم
المنازعات الناشئة عن عقود الأستثمار والتجارة الدولية .
المطلب الثاني : اثر اتفاق التحكيم على اطرافه وعلى المحكمة .
متى أبرم اتفاق التحكيم صحيحا مكتملا لأركانه و شروطه ، فإنه يرتب الاثر
القانوني الذي يهدف إليه ، وهو حجب سلطة
قضاء أية دولة عن الفصل في موضوع النزاع و تخويل الأمر إلى قضاء ذاتي خاص و هو
قضاء التحكيم ، و هذا هو الأثر الإجرائي المباشر لإتفاق التحكيم سواء كان أثرا
ايجابيا أو سلبيا . واعتبر الأستاذ عبد الكريم سلامة " الدفع باتفاق التحكيم" بانه دفع بموجبه تلتزم المحكمة ألا تقضى بعدم
الاختصاص ولا بعدم القبول بل تقوم بعملين : أحدهما سلبي وهو الامتناع عن نظر
النزاع والثاني إيجابي وهو إحالة الأطراف أو توجيههم إلى قضاء التحكيم ، الأول
يظهر الاحترام لاتفاق التحكيم، أما الثاني فيدعم فعالية ذلك الاتفاق بتوجيه
الأطراف إلى القوة الملزمة لهذا الأخير وتنفيذ كل منهم لالتزامه بالمساهمة في
إجراءات التحكيم[13].
كما أن هذا الاثر المباشر يولد التزامات على عاتق طرفي العقد بحيث يكون لاتفاق التحكيم قوة ملزمة في وجوب عرض
النزاع على التحكيم ، و ليس لأحد أن يتخلى
عنه ، أو يعطل مقتضاه بإرادته المنفردة ، و إلا جاز للطرف الأخر أن يلجأ إلى القضاء ، إستنادا إلى ولايته العامة ، بطلب
دعوة الطرف الأول لتنفيذ اتفاق التحكيم[14].
الفقرة الأولى :الاثار الاجرائية لاتفاق التحكيم .
أولا: الأثر السلبي
ان الأثر المهم الذي يرتبه اتفاق التحكيم هو سلب النزاع من سلطة
ولاية القضاء وحرمان أطراف العقد من اللجوء إلى القضاء العادي بشأن النزاع الذي
وقع الاتفاق على حله عن طريق التحكيم ،,هو ما يعرف بالاثر السلبي لاتفاق التحكيم .
فالاتفاق على التحكيم يمنع القضاء العام في الدولة من نظر النزاع المتفق على الفصل فيه عن طريق هيئة التحكيم المكلفة بذلك ، بدلا من المحكمة المختصة أصلا بتحقيقه و الفصل في موضوعه ، و يخول المدعى عليه دفعا بذلك ، وهو ما يسمى بالدفع بوجود الاتفاق على التحكيم
[15] .
و يترتب على إبرام اتفاق التحكيم صحيحا وفقا للقانون
الواجب التطبيق بشأن نزاع معين منع الأطراف من اللجوء إلى قضاء الدولة وعلى هذه
الأخيرة الامتناع عن نظر النزاع وتخليها عنه إذا كان قد طرح بالفعل عليها ، أو بمعنى آخر سلب النزاع من سلطة ولاية القضاء العادي
وحرمان أطراف العقد من اللجوء على القضاء بشأن النزاع الذي وقع الاتفاق على حله عن
طريق التحكيم، أي أن اتفاق التحكيم ينتج عنه أن الأطراف قد تنازلوا عن الحق في
اللجوء الى القضاء العادي وارتضوا التحكيم [16]ويترتب على هذا التحديد
أثران الأول هو انه بمجرد وجود اتفاق التحكيم يعتبر مانعا أو حاجبا من رفع الأمر
أمام القضاء والثاني وهو أثر غير مباشر أي أنه إذا رفع النزاع أمام قضاء الدولة تعين عليها
التخلي عنه احتراما لوجود اتفاق التحكيم وقد نص المشرع المغربي على الاختصاص
السلبي في المادة 327 وقد أتت هذه المادة في سياق التشجيع لآلية التحكيم وجعلها
آلية إلزامية عند اختيارها من قبل الأطراف بحيث لا يمكنهم العدول عن هذا الاختيار.
وهناك من الباحثين من ينتقد هذا الفصل القانوني
(327من ق م م) باعتبار أن المشرع جعل
تصريح المحكمة بعدم القبول مشروط بدفع المدعى عليه بوجود نفس النزاع مطروح أمام
هيئة تحكيمية ،وانه كان على المشرع المغربي أن يكون أكثر جرأة مستغلا فرصة وضع قانون
05-08 ويستجيب لنداءات الفقهاء وممارسي
التحكيم وينص صراحة على وجوب النطق بعدم القبول تلقائيا من قبل المحكمة عند ملاحظة
وجود عقد أو شرط التحكيم كما فعل المشرع اليمني في المادة 19 من قانون التحكيم
اليمني لسنة 1992، والمشرع الكويتي في المادة 173 من قانون المرافعات المدنية
والتجارية رقم 38 لسنة 1980.
ثانيا: الأثر الإيجابي
ان
الأثر الإيجابي لاتفاق التحكيم
فهو أهم أثر من الناحية الإجرائية ، فبموجبه يتم نقل الاختصاص من
قضاء الدولة الى قضاء التحكيم ، بحيث تصبح هيئة التحكيم هي صاحبة الولاية في تسوية النزاع المبرم
شأنه اتفاق التحكيم
[17]
فإذا كان الأثر السلبي لاتفاق التحكيم يسلب الاختصاص من قضاء الدولة ، فإنه لا ينشأ عن ذلك فراغ قضائي، لأن الأثر الايجابي لاتفاق التحكيم يجعل محله القضاء الاتفاقي الذي أراده الأطراف و هو اختيار التحكيم كطريق بديل لحل منازعاتهم .
ان اتفاق التحكيم يلزم الأطراف بأن يعهدوا بالمنازعة
الناشئة بينهم والمتفق على حلها بواسطة التحكيم إلى الهيئة التحكيمية، وبالتالي
ثبوت الاختصاص لقضاء التحكيم. كما أن اتفاق التحكيم يعد الأساس الذي تستمد منه
الهيئة التحكيمية اختصاصها بالفصل في المنازعة.
إن التزام الأطراف بعرض نزاعهم أو منازعاتهم الناشئة عن علاقتهم القانونية المتفق بشأنها في اتفاق
التحكيم ،الى هيئة التحكيم ناشئ من التطبيق الأصيل لمبدأ القوة الملزمة لهذا الاتفاق ، فمبدأ القوة الملزمة للعقود أوالعقد شريعة المتعاقدين" pacta sunt servenda " هو من المبادئ المطبقة و المستقرة في القانون الدولي [18]
كما أقرت الاتفاقيات الدولية و المتعلقة بالتحكيم الدولي الالتزام الواقع على الأطراف باللجوء الى حل
منازعاتهم المتفق على حلها بواسطة التحكيم الى المحكمين . و قد أقر هذا المبدأ بروتوكول جنيف بشأن
شروط التحكيم منذ عام 1923 في المادة الأولى منه و ذلك بتأكيده على صحة شروط التحكيم و مشارطة التحكيم الواردة بين الأطراف الخاضعة لمحاكم الدول الأطراف في المعاهدة )
كما أخذت اتفاقية نيويورك 1958 و المتعلقة بالاعتراف و تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية هي أيضا
بنفس المبدأ في مادتها الثانية فقرة أولى على أن :" تعترف كل دولة متعاقدة بالاتفاق المكتوب الذي يلتزم
بمقتضاه الأطراف بأن يخضعوا للتحكيم كل أو بعض المنازعات الناشئة أو التي قد تنشأ بينهم بشأن موضوع
من روابط القانون التعاقدية أو غير التعاقدية المتعلقة بمسألة يجوز تسويتها عن طريق التحكيم ) و بشكل غير مباشر عالجت معاهدة جنيف الموقعة في 21 ابريل 1961 الالتزام الواقع على الأطراف باللجوء للمحكمين للفصل في منازعاتهم المتفق بشأنها على التحكيم ، وقد كرست هذا الالتزام عن طريق تنظيمها الدقيق الذي وضعته لكيفية تعيين المحكم أو المحكمين في حالة عدم تحديد الأطراف لهذا التعيين و ذلك في المادة الرابعة منها .
و هذه النصوص تظهر بوضوح بأن الأطراف ملزمة باللجوء بالمنازعة الوارد بشأنها الاتفاق على التحكيم الى المحكمين
،و لذلك إذا لجأ أحد الأطراف الى المحاكم الوطنية على الرغم من وجود اتفاق التحكيم ، فإن احترام الأثر الايجابي لاتفاق
التحكيم من شأنه أن يؤدي الى ضرورة إجبار هذا الطرف على اللجوء الى التحكيم ، أي الى ضرورة التنفيذ العيني للإلتزام الواقع على الأطراف في اتفاق التحكيم باللجوء الى التحكيم
.
و تظهر هذه
الفكرة في الحكم الوارد في المادة الثانية الفقرة الثالثة من معاهدة نيويورك في شأن الاعتراف و تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية إذ تنص المادة على مايلي :" على محكمة الدول المتعاقدة التي يطرح أمامها نزاع حول موضوع كان محل اتفاق من الأطراف بالمعنى الوارد في هذه المادة أن تحيل الخصوم بناء على طلب أحدهم الى التحكيم ، وذلك ما لم يتبين للمحكمة أن هذا الاتفاق باطل و لا أثر له أو غير قابل للتطبيق "
وقد كرس القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي مبدأ احترام الأثر الايجابي لاتفاق التحكيم و المتمثل في ضرورة التنفيذ العيني لهذا الاتفاق بموجب نص المادة الثامنة و التي تنص على أنه :" على المحكمة التي ترفع أمامها دعوى في مسألة أبرم بشأنها اتفاق تحكيم أن تحيل الطرفين إذا طلب منها ذلك أحد الطرفين الى التحكيم ، في موعد أقصاه تاريخ تقديم بيانه الأول في موضوع النزاع ما لم يتضح لها أن الاتفاق باطل أو لاغ أو عديم الأثر أو لا يمكن تنفيذه " .
والقانون المغربي بدوره لم يخرج عن السياق العام
للاتفاقيات الدولية المذكورة فيما يخص الأثر
الملزم لاتفاق التحكيم سواء لطرفيه او للمحكمة التي يعرض عليها النزاع ونص في
الفصل 327 من ق م م على انه (عندما يعرض
نزاع مطروح أمام هيئة تحكيمية عملا باتفاق تحكيم، على نظر إحدى المحاكم، وجب على
هذه الأخيرة إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل الدخول في جوهر النزاع أن تصرح بعدم
القبول إلى حين استنفاد مسطرة التحكيم أو إبطال اتفاق التحكيم.
إذا كان النزاع لم يعرض بعد على الهيئة التحكيمية، وجب كذلك على المحكمة
بطلب من المدعى عليه أن تصرح بعدم القبول ما لم يكن بطلان اتفاق التحكيم واضحا.)
الفقرة الثانية : التنفيذ العيني لالتزام الأطراف بتنفيذ أتفاق التحكيم.
ويتمثل هذا الالتزام في تنفيذ الأطراف تعهدهم بإحالة
نزاعهم الآني أو المستقبلي، للفصل فيه من قبل محكمة التحكيم، وليس بواسطة محاكم
الدولة. وان مخالفة هذا الالتزام يعتبر إخلالا بمبدأ حسن النية في تنفيذ
الالتزامات العقدية، كما لا يستطيع أي طرف التحلل منه أو نقضه بإرادته المنفردة.
أما إذا حاول ذلك، فإنه يجبر على تنفيذ التزامه عيناً، كتعيين محكمه، أو تقديم
مستنداته، أو بدء إجراءات التحكيم، فإن امتنع، تقوم المحكمة -بناءعلى طلب الطرف
الآخر- بتلك الإجراءات، ويقوم عمل المحكمة مقام عمل الخصم المتقاعس بهذا الخصوص،
وهذا هو مقتضى التنفيذ العيني للالتزام بتنفيذ اتفاق التحكيم. فهذا الالتزام يتطلب
من أجل ضمان تنفيذه، أن يكون عدول أو تراجع أحد أطراف الاتفاق عن القيام بهذا
الالتزام، مقترناً بإمكان إجباره على التنفيذ العيني للالتزام.[19]
فالدولة تستطيع القيام بهذا الواجب القانوني في دعم التحكيم التجاري، حتى
لو كانت الدولة أو إحدى أجهزتها طرفاً باتفاق التحكيم. فان هيئة التحكيم تبقى هي
المختصة طالما أن الدولة الرسمية قبلت
التوقيع على اتفاق التحكيم. فتوقيعها الاتفاق يعني تنازلها عن اختصاصها القضائي بموضوع الاتفاق تجاه هيئة
التحكيم وحكمها التحكيمي، بما في ذلك إجراءات تنفيذ الحكم اللازمة لإكسائه القوة
التنفيذية الكاملة التي يحتاج إليها. فالعقد التجاري يبقى عقداً
عادياً بين أطرافه بما فيهم الدولة الرسمية،. كما تعتبر موافقة
الدولة على فض نزاعها مع الطرف الآخر بالتحكيم، قبولها الضمني بضرورة تنفيذ الحكم
التحكيمي. ان شرط التحكيم في العقود الإدارية هو كغيره من الشروط العقدية الأخرى
التي تعتبر ملزمة للطرفين تأسيساً على أن العقد الإداري لا يخرج عن كونه عقداً
بالمعنى القانوني الدقيق. أي انه توافق إرادتين على احداث أثر قانوني وليس في
خصائص العقد الإداري ما يمكن أن يؤدي إلى إهدار القوة
الملزمة لأي شرط من شروطه التعاقدية"
والتساؤل الذي يمكن طرحه في هذه النقطة مفاده: هل
يترتب على رفض أحد الأطراف تنفيذ اتفاق التحكيم، دفع تعويض للطرف الآخر؟
لقد ذهب فريق من الفقهاء إلى وجوب تحمل الفريق
المتخلف عن التنفيذ تعويضاً للطرف الآخر عن الضرر الذي لحق به جراء عدم استطاعته
عرض النزاع على التحكيم، نظراً لسوء نية الطرف الثاني، وقيام محكمة رسمية بالفصل
في النزاع بدلاً من هيئة التحكيم. فهو ضرر حقيقي مادي، نتيجة فقدان الطرف المتضرر،
حقه في التمتع بمزايا التحكيم، والفوائد التي وفرتها معاهدة نيويورك في الاعتراف
وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبي. إلا أن هذا الفريق من الفقهاء، اعترف بصعوبة تحديد الضرر
الواقع على الطرف، نتيجة عدم قدرته الذهاب إلى التحكيم. وتتمثل هذه الصعوبة في أن
تقدير الضرر، سيتم من خلال مقارنة صعبة بين مزايا العدالة التي يقدمها القضاء
الرسمي، وما يقدمه قضاء التحكيم. وبالتالي، يصبح من غير الممكن وضع تقييم مالي
واقعي وسليم، للأضرار التي لحقت بالمدعي ، باستثناء ما يتعلق بالمصاريف والنفقات
الناتجة عن تصديه للدفاع عن حقه أمام المحكمة الرسمية غير المختصة بالفصل بالنزاع،
بوجود اتفاق تحكيم فيه. فالتقييم الخاص بالتعويض عن الأضرار الناجمة
عن إضاعة الوقت وعدم السرية على سبيل المثال يصعب تقديره على
أسس علمية وقانونية صحيحة. وعلى الرغم من إمكان فرض عقوبة مالية على الطرف
المخالف، في حال ثبوت وقوع الضرر على الطرف الذي تراجع عن التزامه تنفيذ الاتفاق، يرتكز
التوجه القانوني والفقهي الحديث على ضمان التنفيذ العيني لاتفاق التحكيم، وتجاوز
محاولات التهرب من تنفيذ هذا الالتزام من خلال أعمال تسويفية تهدف إلى تعطيل السير
بإجراءات التحكيم، بعدم السماح لهذه التجاوزات بالوصول إلى أهدافها. فقد تضمنت
معظم التشريعات نصوصاً تفصيلية للتنفيذ العيني للاتفاق، إلا أنها بالمقابل لم
تتضمن أي حكم عن عقوبة الطرف المتراجع عن تنفيذ الاتفاق من خلال تعويض الطرف الآخر
المتضرر من تلك المخالفة. وقد ترك الحكم بهذه المسائل لسلطة المحكمة التقديرية،
وفق أحكام القواعد العامة. ويعتبر القانون الأردني من التشريعات التي تبنت هذا
التوجه من خلال أحكام المادة (16) من قانون التحكيم ، التي أعطت المحكمة المختصة
الحق في الحلول محل الطرف- غير الملتزم بالاتفاق- في أداء مهامه، كتعيين المحكم
الذي لم يقم ذاك الطرف بتعيينه، وذلك إصراراً
من المشرع على التنفيذ العيني لاتفاق التحكيم.[20]
ويعتبر هذا التدخل القضائي في إجراءات التحكيم، أحد أشكال المساعدة
والتعاون الفني بين النظامين القضائيين الرسمي والخاص، للإبقاء على احترام الإرادة
المشتركة لأطراف الاتفاق في حل نزاعاتهم بواسطة التحكيم. والمشرع المغربي بين بشكل واضح في المادة (327 من ق م م )، أنه يتوجب على المحكمة عدم قبول الدعوى المقامة أمامها، إذا تبين لها أن هذه
الدعوى هي موضوع اتفاق تحكيم، لأن الفصل في النزاع يجب أن يتم من خلال قضاء
التحكيم .
وعلى المستوى الدولي، فقد جاء قضاء التحكيم مؤكداً
ما سبق ذكره بخصوص إلزامية اتفاق التحكيم، في حكم التحكيم الصادر في قضية Elf Aquitaine ضد
الشركة الوطنية الإيرانية للبترول التي فصل فيها المحكم المنفرد B.Gomard بتاريخ
14 يناير 1982 الذي جاء فيه "من المبادئ المعترف بها... أن الدولة المرتبطة
بشرط تحكيم منصوص عليه في اتفاق أبرمته الدولة ذاتها، أو من خلال شركة تابعة لها،
لا تستطيع بإرادتها المنفردة في تاريخ لاحق، أن تمنع الطرف الآخر معها من الالتجاء
إلى الوسيلة المتفق عليها بين الأطراف لتسوية المنازعات الناشئة عن العقد المبرم بينهم". فالالتزام
باتفاق التحكيم يخضع لأحكام القواعد العامة، ولقاعدة القوة الإلزامية للعقود
النابعة من مبدأ العقد شريعة التعاقدين Pacta Sunt Servanda وهو من المبادئ
المستقرة في القانون وبذلك لا تختلف القوة الملزمة لاتفاق التحكيم عن مثيلاتها في العقود بشكل عام [21]
خاتمة :
نخلص من هذا البحث ان التحكيم كقضاء خاص ينشا عن
مصدر اتفاقي. ويعتبر اتفاق التحكيم التجاري، الأساس والجوهر في عملية التحكيم،
لأنه يتضمن اختيار الأطراف طريق التحكيم كأسلوب لحل نزاعاتهم التجارية، وتعيين
طبيعة وحدود الموضوع الذي سيتم الفصل فيه. ويعطي الاتفاق للمحكم، سلطة الفصل في النزاع
بقرار ملزم، ويجعل المحاكم الرسمية غير مختصة بنظره. كما يسيطر ان اتفاق التحكيم
يعتبر هو خارطة الطريق للمحكم يعتمده للفصل في النزاعات ، ابتداء من تضمين اتفقا
التحكيم للهيئة التحكيمية وتحديد مهامها، مروراً باختيار القواعد القانونية
الواجبة التطبيق على النزاع، وانتهاء بإجراءات التقاضي أمام هيئة التحكيم.
ويترتب على اتفاق التحكيم التجاري، بوصفه العقد
الذي تتعهد الأطراف فيه بحل المنازعات الناشئة أو التي قد تنشا بينهم بواسطة
التحكيم، احترام الأطراف لاتفاقهم وإحالة تلك النزاعات إلى محكمة التحكيم لإصدار
الأحكام فيها، وذلك انطلاقاً من مبدأ القوة الملزمة للعقود،وانطلاقاً من القواعد
العامة في القانون المدني.
إن اتفاق التحكيم- شأنه في ذلك شان أي عقد أخر، يخضع
لمبدأ نسبية الآثار الناجمة عن العقد من حيث الأطراف ومن حيث الموضوع، فكما لا
يجوز للعقد أن يلزم غير أطرافه، فإن اتفاق التحكيم أيضاً، لا يمكن الاحتجاج به على
من لم يكن طرفاً فيه، ولا ينصرف أثره سوى على المتعاقدين فقط، ولا يملك التمسك
ببطلانه غير أطرافه، ما لم يتعلق الأمر بالنظام العام.
ويمكن القول ان جل الدول الصناعية التي تحضى بحركة
تجارية مهمة تسعى دائما الى تكريس العمل بالتحكيم كطريقة لفض النزاعات نظرا لما
يضمن لها من فوائد ،ويجعلها تتفادى مواجهة القوانين الوطنية لدول أخرى قد لايكون
لديها أي علم بها .
كما انه يتعين الاشارة الى ان اتفاقات التحكيم تنشا
عنها مجموعة من الإشكالات العملية خاصة امام لجوء طرفيها الى الغموض والعموميات
دون تحديد جميع الشروط بدقة ووضوح ،ولهذا فانه لتفادي الناعاتالتي قد تنشا بين
الأطراف حول مضمون اتفاق التحكيم ،يتعين اعطاؤه الأولية الكبيرة عند ابرام
المعاملات التجارية وعدم الاستهانة بمضامينه وجعلها كما يقال عنها باتفاقات منتصف الليل على أساس ان اتفاق
التحكيم اخر شيء يتم التفاوض بشانه بعد ان
تكون المفاوضات حول اصل العقد والصفقات قد تم التوصل الى اتفاق بشانها .
[1] -د-
أحمد مخلوف- مفھوم استقلال شرط التحكیم في عقود التجارة الدولیة-
دراسة قانونیة في التحكیم التجاري الدولي- )
. مجموعة
أعمال
مھداة
إلى
روح
الدكتور- محسن شفیق-
دار
النھضة
العربیة- 2002 - فقرة 9-ص
22
[2] -منیر عبد المجید- قضاء التحكیم في منازعات التجارة الدولیة- دار المطبوعات الجامعیة- 1995 م- فقرة 77 )
. ص
102
[3] - أحمد مخلوف- مفھوم استقلال شرط التحكیم في عقود التجارة الدولیة-
دراسة قانونیة في التحكیم التجاري الدولي- )
. مجموعة
أعمال
مھداة
إلى
روح
الدكتور- محسن شفیق-
دار
النھضة
العربیة- 2002 - فقرة 19 - ص 2
[4] -أحمد مخلوف- مرجع سابق-
فقرة 25 - ص 235 وما بعدھا.
[5] - ناریمان عبد
القادر- اتفاق التحكيم-
الطبعة
الأولى- دار النهضة العربية- -ص 310 .
[6] - ناریمان عبد
القادر- مرجع سابق-ص 3
[7] - محسن شفیق- مرجع سابق-
فقرة
127
- ص 19
[8] - أحمد محمد حشیش- طبیعة المھمة التحكیمیة- شركة الجلال للطباعة- دار الفكر الجامعي- 2000 م- فقرة 77 - ص 215 )
وما
بعدھا.
[9] - أحمد مخلوف- مرجع سابق-
ص 21
[10] - حفيظة السيد الحداد -الموجز في النظرية العامة في التحكيم التجاري الدولي -الطبعة الأولى
2004 منشورات الحلبي الحقوقية ص126
[11] - فوزي محمد سامي- التحكيم التجاري الدولي- الجزء الخامس-
مكتبة دار الثقافة للنشر .
والتوزيع-
1997-ص 219 .
[12] - سراج حسين ابو زيد، التحكيم في عقود
البترول ، دار النهضة العربية، القاهرة، 2010، ص 93
[13] - . احمد عبد الكريم سلامة، قانون التحكيم
التجاري الدولي والداخلي، تنظير وتطبيق مقارن، دار النهضة العربية، القاهرة،
الطبعة الأولى 2004، الصفحة 494
[14] - احمد عبد الكريم سلامة ، قانون
التحكيم التجاري الدولي والداخلي ، دار النهضة العربية ،القاهرة الطبعة الأولى.، ص132.
[15] - محمود السيد
عمر
التحيوي
،
مفهوم
الأثر
السلبي
للاتفاق
على
التحكيم
،
دار
المطبوعات
الجامعية
،
سنة
2003 ، ص 133
[16] - عبد الله درميش ،
التحكيم الدولي في المواد التجارية ، رسائل لنيل دبلوم الدرسات العليا في القانون
الخاص، كلية الحقوق بالدار البيضاء، السنة الجامعية 1982-1983-، الصفحة 218-219.
[17] -أحمد عبد
الكريم
سلامة
،
المرجع
السابق
،
ص 5
[18] -حفيظة السيد
حداد،
الاتجاهات
المعاصرة
بشأن
اتفاق
التحكيم
،المرجع السابق
،ص
1
[19] - الأحدب، عبد الحميد، التحكيم الدولي،
مرجع سابق ، ص243،
[20] - عبد القادر. ناريمان، اتفاق التحكيم،
ص278 وما بعدها مرجع سابق
[21] - أورده أحمد سلامه، مرجع سابق، ص442.
0 التعليقات: